الأربعاء، 25 أبريل 2012

أنت وفي لعهدك وعهودك

كان الحكيم اوشينارا يحيا حياة متواضعة في قصره البهي ،و يقدم المأوى للمعدمين و جوابي الافاق الذين كانوا يتجولون طوال العام بين شواطىء الغانج المقدس و جبال الهملايا المنورة
ذات يوم حين كان الحكيم اوشينارا جالسا في البهو يتلو الويد* و اذا بيمامة تطير مذعورة نحوه و قد انتابها هلع شديد و في اثرها رخم* سريع الجناح
حطت اليمامة المرتجفة على ركبة الحكيم متضرعة حمايته و كان الرخم قد ادركها . انقذ اوشينارا اليمامة 
أيها الحكيم ، قال الرخم مخاطبا اوشينارا ، إن الجوع يمزق احشائي . أنت ترتكب جريمة بحجبك الطعام عن الجائع فاعطني يمامتي 
اوما اوشينارا بيده رافضا 
مضى الرخم يقول 
اوشينارا، المعروف عنك انك رجل تفي بواجبك ، فلماذا تخرق الوفاء ؟ لماذا تقضي علي بالجوع؟
اجاب اوشينارا معترضا :
إن هذه اليمامة المستضعفة التي يعتريها هلع مهلك لجات إلي طالبة الحماية . فهل تجهل أنت أيها الرخم العظيم أن من أولى واجباتي هي عدم تسليم المستجير للعدو . ان حجب الحماية عن الضعيف اكثر جرما من اقتراف أفظع الجرائم ، أفظع من اغتيال براهما
و لكن أيها الحكيم، ان على كائن ان يتغذى كي يعيش .واذا حرمته من الطعام ، فسوف تقطع حبل الحياة . وبانتزاعك اليمامة مني ، انما تحكم بالموت ليس علي فحسب ، بل و على صغاري
]أنت حكيم في محاجتك ، أيها الرخم والطائر القوي ، و لكن ابميسوري أن أدفع باليمامة المسكينة إلى الهلاك ؟ لن يكون هذا بتاتا! إن أبواب قبوي مشرعة أمامك . فاذهب وخذ ما تشاء من لحم الغزال او الخنزير البري اطلب ما شاء و سألبي طلبك.[/
لا ، يا اوشينارا ، هذا ناموس الطبيعة .الرخم لا يقتات إلا على لحم اليمام ، فاعطني يمامتي
أيها الرخم ، قال اوشينارا متضرعا ، سوف أهبك كل ما تبغي . ليس في مقدوري أن أحكم بالهلاك على اليمامة التي استجارتني فأجرتها 
أجاب الرخم : أيها الحكيم ،إذا كنت ترأف باليمامة ، اعطني بدلا منها ما يعادل وزنها من لحم جسدك
أجل انت محق في كلامك ، قال اوشينارا بارتياح و أعقب ، يسرني أيها الرخم أن أقدم جسدي فدية 
علقوا في سقف البهو ميزانا 
وضع اوشينارا اليمامة على أحدى كفتي الميزان ، ووضع في الكفة الأخرى قطعة لحم اقتطعها من جسده.لكن اليمامة كانت اكثر وزنا . اقتد قطعة أخرى ، و لكن اليمامة بقيت أكثر وزنا . راح يقطع المزيد والمزيد من لحمه و يضعه في كفة الميزان ،غير أن وزن اليمامة كان يزدادا كل مرة
عندئذ اعتلى اوشينارا نفسه كفة الميزان وهو ينزف دما 
هتف هاتف من السماء
(أنا هيندرا*حاكم الكون )،  لقد ضحيت بنفسك من اجل اليمامة  .لقد جئنا لاختبار فضائلك .لك المجد الخالد يا اوشينارا ،  .لقد أضفيت على اسمك سؤددا لا يخبونوره. أ

الأب واولاده الاربعة


يحكى أن شيخاً من مشايخ القبائل كان له أربعة أبناء ، فلما أحس بدنو أجله أمر أحد خدمه بإحضار أربعة صناديق 
ذات أقفال ، فقام الشيخ خفية ، بدون علم أحد، ووضع بداخلها أشياء، ثم كتب على كل منها اسم واحد من أبنائه. 
و بعد ذلك جمعهم ، وقال: 

"يا أبنائي إن الدنيا فانية زائلة ، وإنني قد قسمت بينكم قسمة عادلة ، و قسمتي موجودة في هذا الصندوق، 
فلتفتحوه إذا أتي على الموت ، وليرض كل منكم بما قسمت له، وإن اختلفتم فيما بينكم فارجعوا إلى الحاكم الفلاني :
(وسمى لهم رجلاً مشهوراً بالحكمة من قضاة العرف) 
وأسأل الله لكم الهداية و السداد"
و بعد أيام توفي الشيخ ، فاجتمع الأبناء الأربعة ، وقال كبيرهم : 
"هيا بنا نفتح الصناديق المغلقة ، وليرض كل منا بقسمه"
فلما اجتمعوا وفتحوها ،
وجد أكبرهم في الصندوق "السيف و خاتم الرئاسة و الراية "
ووجد أخوه الثاني :"الرمل والحجارة"
ووجد أخوه الثالث:"العظام"
ووجد الرابع:"الذهب و الفضة"
عند ذلك اختلفوا فيما بينهم،لأنهم طمعوا في نصيب أصغرهم ، فتذكروا وصية أبيهم بالرجوع إلى الحاكم المشار إليه ، فقالوا لابد أن نتحاكم إلى القاضي الذي ذكر والدنا،و كان بعيداً عنهم، فأعدوا العدة للسفرإليه. 
وخرجوا من قريتهم فلما قطعوا ربع المسافة فإذا بثعبان صغير معترض أمامهم فأهوى إليه أصغرهم ليضربه، فأخطأه، ففتح فاه حتى كاد يسد الطريق من شدة ثورته، ثم إنهم حاولوا الهرب حتى نجو. 
فلما مضى الربع الثاني : وجدوا جملاً في أرض جرداء قاحلة ، وكان الجمل سميناً، لا يظهر عليه جدب أرضه،ثم مشوا قليلاً فوجدوا جملاً آخر هزيلاً في روضة خضراء ، يانعة ، فأنكروا حالة. 
فلما بقي من المسافة القليل وجدوا طائراً يطير حول سدرتين ، كلما وقع على إحداهما: اخضرت ، ويبست الأخرى ، فإذا وقع على اليابسة اخضرت و يبست الأخرى.
فأدهشهم هذا الأمر ، فذهبوا وهم في حيرة من أمرهم ، حتى وصلوا القرية التي فيها القاضي ،فسألوا عن منزله


فلما طرقوا الباب فتحه لهم شيخ كبير ضعيف البصر ، فسألوه عن القاضي هل هو موجود ؟ فقال : نعم ، وهو أخي الأكبر، وهو في تلك الدار ، و أشار إلى دار مجاورة . 

فذهبوا إليه و هم في دهشة ، كيف سيقضي بيننا وهو شيخ هرم فان،فإنه لا يستطيع القضاء بيننا ، إذا كان هذا أخوه ، فكيف هو . 
فلما طرقوا الباب فإذا امرأة حيية ، فسألوها عن القاضي ، فقالت : نعم ، ادخلوا إلى المجلس حتى يأتيكم ، فدخلوا عنده، وعند انتهاء القهوة ، دخل عليهم فسلم ، فكان رجلاً نشيطاً قليل الشيب ، مكتمل القوة ، فلما أكرمهم .





قال كبيرهم: 
"أيها الشيخ :جئناك لمسألة واحدة ، لكنها في طريقنا إليك، صارت خمس مسائل، فقد وجدنا أربع مسائل أدهشتنا و حيرتنا،". 
فقال ::هاتوا المسائل الأربع التي اعترضتكم في طريقكم، ثم اعرضوا علي مسألتكم التي جئتم من أجلها،عسى الله أن يوفقني و إياكم لحلها".




قال كبيرهم:" أما المسألة الأولى :عندما سرنا إليك وجدنا ثعباناً صغيرا فلما هاجه أحدنا ، فتح فاه ، فكاد يسد الطريق علينا، لولا أننا تسللنا منه لواذاً لما استطعنا هرباً منه"
[قال القاضي :"هذا يا أبنائي الشر ، أوله صغير ، يستطيع كل شخص مجانبته ، فإذا دُخل فيه كبر و استفحل



ثم قال : "هاتوا يا أبنائي الثانية" 
فقال المتكلم منهم : "المسألة الثانية : أنا لما سرنا وجدنا جملين الأول منهما:كان يرعى في روضة جرداء قاحلة و حالته سمينة ، والثاني :منهما: يرعى في أرض خضراء ممرعة ، وحالته هزيلة ، فعجبنا من حالتيهما، فأخبرنا عنهما".






قال القاضي : "أما الجمل الأول :وهو السمين القانع بما أعطاه الله فينتفنع بما في يديه ، فارتاح في دنياه. 
و أما الثاني: فهو الرجل كثير المال عنده خيرات كثيرة من المال و الولد، لا يشكر ربه على ما أعطاه ، فلا ينتفع بشيء أبداً
ثم قال: "هاتوا الثالثة"

فقال المتكلم منهم: "ثم لما سرنا فوجدنا طائراً عنده سدرتان ، إذا وقع على أحدهما اخضرت ، و الأخرى يبست ، وهكذا دواليك". 
[فقال القاضي : "نعم يا أبنائي ذاك الرجل المتزوج زوجتان، إذا ذهب أتى واحدة غضبت الأخرى ، فإذا جاءها رضيت و غضب الأخرى ، وهكذا شأنه كله"

ثم قال المتكلم منهما: "و المسألة الرابعة : حينما دخلنا القرية سألنا عن منزلكم ،فأرشدنا لمنزل أخيك الأكبر، فوجدنا شيخاً هرماً ، فلما سألناه عنكم، قال : إنه قريب ، ولكن داره هناك، فلما جئنا إليكم، ازداد عجبنا حيث رأيناك- ما شاء الله - بصحة و عافية متعك الله بهما،فما سر صحتك مع أنك أكبر منه ، وهو أضعف منك بكثير "



قال القاضي : "أما ما وجدتموه من حال أخي الكبر ، فإنه يرجع إلى أن عنده امرأة سليطة اللسان ، بذية المنطق فهي تسلخ منه كل يوم ، عسى الله أن يفرج عنه ما هو فيه 
و أما إننا فإنني – والحمد لله على ذلك – أعيش عيشة هنية، أسأل الله أن يحفظها علي ،فزوجتي صالحة ، حيية أمينة ، فأنتم جئتم و كنت نائماً ، فلم توقظني ، حتى جهزت القهوة و كل ما تحتاجونه ، ثم أيقظتني ، فجئت إليكم ، و أنا نشيط مرتاح ، والحمد لله على ذلك، فذلك سر سعادتي". 

قال المتكلم منهم: "و الخامسة وهي مسألتنا ، فنحن أبناء شيخ قبيلتنا" و سموا له قبيلتهم ، و قالوا : لما توفي والدنا ، قسم حظوظنا من أمواله بيننا ، ووضعها في صناديق لا تفتح إلا بعد موته ، فلما مات ، فتحناها ، فوجدنا في كل صندوق اسم واحد منا ، و في
الأول منها:السيف و ختم الرئاسة و الراية
ووجدنا في الثاني : الرمل و الحجارة
ووجدنا في الثالث: العظام 
ووجدنا في الرابع : الذهب و الفضة 
فاختلفنا عند ذلك ، وكان أبي أوصانا أن نرجع إليكم ،فها نحن قد جئنا إليكم، لتحكم بيننا بما أراك الله، و نسأل الله أن يوفقكم للعدل و الإنصاف، ونحن مستعدون بتنفيذ ما حكمت به بيننا، إن شاء الله تعالى "
فقال القاضي: "لقد كان أبوكم حكيماً يا أبنائي ، فلقد أعطى كل منكم ما يستحقه فمن كان نصيبه:السيف و الختم و الراية فهو شيخ القبيلة ، سلف لأبيه، و عليكم السمع و الطاعة له ، و أن ترجعوا إليه، في كل أمر من أموركم 

و من كان نصيبه:الرمل و الحجارة فله العقار و البيوت و الأراضي 
ومن كان نصيبه:العظام فله المواشي من خيل وإبل و بقر و غنم 
و من كان نصيبه:الذهب و الفضة فهو أضعفكم ، فلا تنسوه عند انتهاء ما لديه من مال،،،، و أوصيكم يل أبنائي بالاتفاق و جمع الكلمة
و أسأل الله أن يحفظكم و يرعاكم ". 
ثم انصرفوا من عنده راضين بما حكم به لهم ، وما فرض لهم أبوهم ، ويسألون لأبيهم المغفرة و الرحمة و الرضوان.


السعادة هي التوازن بين الاشياء


يُحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدى أحكم رجل في العالم .. 

مشى الفتى أربعين يوماً حتى وصل إلى قصر جميل على قمة جبل .. وفيه 

يسكن الحكيم الذي يسعى إليه .. وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعاً 

كبيراً من الناس .. انتظر الشاب ساعتين حين يحين دوره .. 

أنصت الحكيم بانتباه إلى الشاب ثم قال له : الوقت لا يتسع الآن وطلب منه 

أن يقوم بجولة داخل القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين .. 

وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتان من الزيت : 

أمسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك وحاذر أن ينسكب منها الزيت . 

أخذ الفتى يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتاً عينيه على الملعقة .. ثم رجع 

لمقابلة الحكيم الذي سأله : هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة 

الطعام؟ .. الحديقة الجميلة؟ .. وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في 

مكتبتي؟ .. 

ارتبك الفتى واعترف له بأنه لم ير شيئاً، فقد كان همه الأول ألا يسكب 

نقطتي الزيت من الملعقة .. 

فقال الحكيم : ارجع وتعرف على معالم القصر .. فلا يمكنك أن تعتمد على 

شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه .. 

عاد الفتى يتجول في القصر منتبهاً إلى الروائع الفنية المعلقة على 

الجدران .. شاهد الحديقة والزهور الجميلة .. وعندما رجع إلى الحكيم قص 

عليه بالتفصيل ما رأى .. 

فسأله الحكيم : ولكن أين قطرتا الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟ .. 

نظر الفتى إلى الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا .. 

فقال له الحكيم : تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك، سر 

السعادة هو أن ترى روائع الدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبداً قطرتي 

الزيت . 

فهم الفتى مغزى القصة فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء، 

وقطرتا الزيت هما الستر والصحة .

حكيم يقول كلاما وزنه درة خلود

سأل حكيم

ما هو أكثر شيء مدهش في البشر؟
فأجاب :البشر! يملّون من الطفولة ، يسارعون ليكبروا ، ثم يتوقون ليعودوا أطفالاً ثانيةً
" يضيّعون صحتهم ليجمعوا المال،ثم يصرفون المال ليستعيدوا الصحة" 

" يفكرون بالمستقبل بقلق ، وينسَون الحاضر، فلا يعيشون الحاضر ولا المستقبل" 

" يعيشون كما لو أنهم لن يموتوا أبداً ، و يموتون كما لو أنهم لم يعيشوا أبداً "

مرّت لحظات صمت ....

ثم سأل :"ما هي دروس الحياة التي على البشر أن يتعلّموها؟ " فأجاب
" ليتعلّموا أنهم لا يستطيعون جَعل أحدٍٍ يحبهم، كل ما يستطيعون فعله هو جَعل أنفسهم محبوبين "

" ليتعلموا ألاّ يقارنوا أنفسهم مع الآخرين "

" ليتعلموا التسامح ويجرّبوا الغفران "

ليتعلموا أنهم قد يسبّبون جروحاً عميقةً لمن يحبون في بضع دقائق فقط، لكن قد يحتاجون لمداواتهم سنوات ٍطويلة 

" ليتعلموا أن الإنسان الأغنى ليس من يملك الأكثر، بل هو من يحتاج الأقل" 

" ليتعلموا أن هناك أشخاص يحبونهم جداً ولكنهم لم يتعلموا كيف يظهروا أو يعبروا عن شعورهم "

" ليتعلموا أن شخصين يمكن أن ينظرا إلى نفس الشيء و يَرَيَانِه بشكلٍ مختلف" 
" ليتعلموا أنه لا يكفي أن يسامح أحدهم الآخر، لكن عليهم أن يسامحوا أنفسهم أيضاً "

" ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله "قصة ..قصة توبة مالك بن دينار


يقول مـــــالك بن دينـــار :

بدأت حياتي ضائعا سكيراً عاصيا .. أظلم الناس وآكل الحقوق ..

آكل الربا .. أضرب الناس .. افعل المظالم .. لا توجد معصية إلا

وارتكبتها .. شديد الفجور ..

يتحاشاني الناس من معصيتي..

يقول :

وفي يوم من الأيام .. اشتقت أن أتزوج ويكون عندي طفلة ..

فتزوجت وأنجبت طفلة

سميتها فاطمة .. أحببتها حباً شديدا .. وكلما كبرت فاطمه زاد

الايمان في قلبي ، وقلّت المعصية في قلبي ..

ولربما رأتني فاطمة أمسك كأسا من الخمر .. فاقتربت مني فازاحته وهي لم تكمل السنتين .

وكأن الله يجعلها تفعل ذلك .. وكلما كبرت فاطمه كلما زاد الايمان في قلبي

وكلما اقتربت من الله خطوه .. كلما ابتعدت شيئا فشيئاً عن المعاصي..

حتى اكتمل سن فاطمه 3 سنوات

فلما اكملت الــ 3 سنوات ... ماتت فاطمة

يقول :

فانقلبت أسوأ مما كنت ..

ولم يكن عندي الصبر الذي عند المؤمنين ما يقويني على البلاء ..

فعدت أسوا مما كنت .. وتلاعب بي الشيطان ...


حتى جاء يوما فقال لي شيطاني :

لتسكرن اليوم سكرة ما سكرت مثلها من قبل!!

فعزمت أن أسكر وعزمت أن أشرب الخمر وظللت طوال الليل

أشرب وأشرب وأشرب

فرأيتني تتقاذفني الاحلام .

يقول :

حتى رأيت تلك الرؤيا ...

رأيتني يوم القيامة وقد أظلمت الشمس .. وتحولت البحار إلى نار.

وزلزلت الأرض

واجتمع الناس إلى يوم القيامه .. والناس أفواج ... وأفواج ..

وأنا بين الناس

وأسمع المنادي ينادي فلان ابن فلان .. هلم للعرض على الجبار

فأرى فلان هذا وقد تحول وجهه إلى سواد شديد من شده الخوف

حتى سمعت المنادي ينادي باسمي .. هلم للعرض على الجبار

فاختفى البشر من حولي (هذا في الرؤيه) وكأن لا أحد في أرض

المحشر .. ثم رأيت ثعبانا عظيماً شديداً قويا يجري نحوي فاتحا

فمه. فجريت أنا من شده الخوف

فوجدت رجلاً عجوزاً ضعيفاًً ..

فقلت له : آه.. أنقذني من هذا الثعبان

فقال لي .. يابني أنا ضعيف لا أستطيع أن أنقذك ، ولكن إجر في هذه الناحية لعلك تنجو ..

فجريت حيث أشار لي والثعبان خلفي ووجدت النار تلقاء وجهي ..

فقلت: أأهرب من الثعبان لأسقط في النار ؟..

فعدت مسرعا أجري والثعبان يقترب...

فعدت للرجل الضعيف وقلت له: بالله عليك أنجدني أنقذني ..

فبكى رأفة بحالي ...

وقال: أنا ضعيف كما ترى لا أستطيع فعل شيء ولكن إجر تجاه ذلك الجبل لعلك تنجو

فجريت للجبل والثعبان يكاد يخطفني فرأيت على الجبل أطفالا

صغاراً فسمعت الأطفال كلهم يصرخون :

يافاطمة أدركي أباك أدركي أباك

يقول :

فعلمت أنها ابنتي .. ففرحت أن لي ابنة ماتت وعمرها 3 سنوات

تنجدني من ذلك الموقف

فأخذتني بيدها اليمنى ..

ودفعت الثعبان بيدها اليسرى...

وأنا كالميت من شده الخوف....

ثم جلست في حجري كما كانت تجلس في الدنيا...

وقالت لي يا أبت :

" ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله "

فقلت لها : يابنيتي .. أخبريني عن هذا الثعبان !!

قالت : هذا عملك السئ أنت كبرته ونميته حتى كاد أن يأكلك ..

أما عرفت يا أبي أن الأعمال في الدنيا تعود مجسمة يوم القيامه..؟

فقلت : وذلك الرجل الضعيف؟

قالت : ذلك العمل الصالح .. أنت أضعفته وأوهنته حتى بكى لحالك لا يستطيع أن يفعل لك شيئاً...

ولولا انك بفضل الله انجبتني ولولا أني مت صغيرة ماكان هناك شئ ينفعك

يقول :

فاستيقظت من نومي وأنا أصرخ :

قد آن يارب .... قد آن يارب

نعم .... " ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله "

يقول :

واغتسلت وخرجت لصلاة الفجر أريد التوبة والعودة إلى الله

دخلت المسجد فإذا بالامام يقرأ نفس الاية ....

" ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله "


ذلك هو مالك بن دينار

من أئمة التابعين

هو الذي اشتهر عنه أنه كان يبكي طول الليل .. ويقول :

إلهي أنت وحدك الذي يعلم ساكن الجنة من ساكن النار ، فأي الرجلين أنا ؟

اللهم اجعلني من سكان الجنة

ولا تجعلني من سكان النار ...

وتاب مالك بن دينار واشتهر عنه أيضا أنه كان يقف كل يوم عند باب

المسجد ينادي ويقول :

أيها العبد العاصي عد إلى مولاك .. أيها العبد الغافل عد إلى مولاك ...

أيهاالعبد الهارب عد إلى مولاك ..

مولاك يناديك بالليل والنهار يقول لك

من تقرب مني شبراً تقربت إليه ذراعاً ، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة

اللهم إنّا نستغفرك ونتوب إليك

اللهم إنّا نسألك توبة خالصة صادقة

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

سبحان مغير الاحوال

روي أن رجلا من قبيلة عبس 
كان مشوه الوجه مكفوف البصر رث الثياب 
وفي يوم من الأيام جاء الى دار الخلافة 
فرآه رجل هناك كان يعرف قصته
فلما دخل من الباب قام اليه وأخذ بيده 
وأجلسه في مجلس قريبا من الخليفة 
فتعجب الخليفة عبد الملك بن مروان من فعل ذلك الرجل
فأدرك الرجل ما في نفس الخليفة من سؤال
فقال : يا أمير المؤمنين ان لهذا الرجل العبسي قصة غريبة !! فاسمح له أن يحكي لك عن قصته ؟ 
وكان الخليفة عبد الملك بن مروان ولوعا بعيون الأخبار 
شغوفا بالحكايا
فسأل الرجل عن حاله وقال : ما قصتك أيها العبسي ؟ 
فقال الرجل : يا أمير المؤمنين 
كنت من أغنى أهل المدينة 
وكنت من أكثرهم مالا 00 ومن أعزهم عيالا 00 
وأنعمهم بالا 00وكنت ذا حسب ونسب 00
فخرجت يوما بمالي وأهلي لأضرب في أرض الله تعالى
بقصد التجارة والربح رغبة بالثراء 00 
وطمعا في السعة 00
فبينما أنا أغذ السير في طريقي الى الشام 
اذ أدركني الليل 00 
فآويت الى واد بين جبلين لأبيت فيه مع أهلي وأولادي
فبينما نحن نائمون00 اذ هبط علينا سيل شديد من أعلى الجبل
فلم أستيقظ من نومي إلا وقد غرق أهلي وأولادي 
وجرف السيل الهائل مالي 00 
ولم يبق من أولادي إلا اصغرهم وعمره سنوات 00
ولم يبق من بعيري سوى بعير واحد 
فقمت من فوري كالمجنون وحملت الطفل على كتفي
ورحت الى البعير لأنظر شأنه 00
فلما رآني قريبا منه ولى مدبرا
وضعت الطفل عن كتفي على ربوة قريبة 
وعدوت خلف البعير لأرده 
فركضني برجله في وجهي فهشم أنفي وكسر أسناني 
فقمت خلفه مرة أخرى فاذ به يرفسني في وجهي ويفقأ عيوني 
فلم أستطع أن أواصل العدو خلفه 00
عدت حزينا أتلمس طفلي الصغير حيث وضعته
فلما دنوت منه وا به يصرخ ويصيح 
وسمعت صوته يختنق في حلق ذئب 
واذ به لقمة سائغة بفم ذئب جائع
ولم أدركه حتى أكله الذئب 
ففي ليلة واحدة يا أمير المؤمنين 
فقدت أهلي وسبعا من أولادي وبعيري ومالي
وأمسيت من أعز الناس وأغناهم 
وأصبحت وأنا من أذلهم وأفقرهم وأضعفهم 
فسبحان مغير الأحوال ومقلبها

ماراح اتصير آدمي


كان آباءنا رحمهم الله يقصّون علينا القصص التراثية القديمة لأخذ العِبَرِ منها ، فقد سمعتُ من بين ما سمعتُ من تلك القصص أنه : كان يا ما كان في قديم الزمان رجل فقير يعمل حطّاباً في الغابةِ .وكان يعيش مع هذا الحطّاب ولده الكسول والذي حاول هذا الرجل المسكين جاهداً إصلاحه وتوجيهه ولكنه لم يفلح ، حيثُ بقيّ هذا الإبن العاق مصدر حزن وقلق لوالدهِ الذي دائماً كان يقول له : " إنت ما راح تصير آدمي " أي سوف لن ينصلح حالك الى الأبد وسوف لن تكون يوماً بمستوى الشعور الإنساني بالمسؤوليةِ . وكان هذا النقد أو الحرص من جانبِ الوالدِ يزعج كثيراً هذا الولد العاق .

وفي يومٍ من الأيامِ لم يحتمل هذا الإبن تعنيفات وتوبيخات والده لتصرفاته الغير مسؤولة ، فقرر هجر كوخهم والذهاب الى حيثُ لا يجد من يعنّفه ويونّبه على كسلهِ وتصرفاتهِ ، فتزود بزوّادة مما توفر لديهما من طعامٍ وغادر الكوخ وسار على غير هدى في أحراش ومسالك الغابة حتى قادتهُ قدماه الى البلدةِ ، وفيما هو جالس في ركنٍ من أركان أحد أزقتها ليرتاح قليلاً ويتناول بعضاً من الطعامِ الذي جلبه معه من دار والده سمعَ المنادي ينادي بأعلى صوته قائلاً : " يا أيها الناس ، الحاضر يعلم الغائب لقد أمر مولانا السلطان بجائزةٍ كبيرةٍ الى كل من يستطيع شفاء إبنته الوحيدة من مرضٍ قد أصابها والذي عجز خيرة أطباء السلطنة عن معالجته " . إهتمّ إبن الحطّاب لهذا الأمر لكونه يعلم من أنه وعلى الرغم من كسله وعقوقه ، إلا أنه وبحكمِ معيشته ونشأته في الغابة ومراقبته لوالده في جمعه للأعشاب البرية المختلفة فإنّ له خبرة لا يستهان بها في معالجة الكثير من الأمراض بتلك الأعشاب ، لذا سارعَ الى قصر السلطان طالباً رؤية المريضة ، فسمحوا له بذلك وبعد إنتهاءه من معاينتها قال لِمَن حوله من حاشية السلطان بأنه يستطيع معالجتها وطلبه الوحيد في حالة شفائها هو زواجه منها !! ، وعندما سمع السلطان بطلب هذا الصعلوك جنّ جنونه وأراد قطع عنقهُ على تجاسره وتجاوزه على ولي نعمته بهذا المطلب الغريب ، لكن حاشية السلطان أقنعوه بالتريث وقالوا له لو إستطاع هذا الحطّاب معالجة إبنتك من هذا المرض المميت فسيكون بالتأكيد أذكى من جميع أطباء السلطنة وأكثرهم خبرة ودراية ، وبهذا تستطيع تعيينه بوظيفة كبير أطباء البلاط بعد تزويجه إبنتك أفضل من موتها وخسارتها للأبد .فكّر السلطان بنصيحة حاشيته فوجدها منطقية ولا مفرّ له من قبولها فخضع للأمر الواقع .ذهبت أيام وجاءت أخرى وقد أصبح إبن الحطّاب زوج إبنة السلطان ينعم بنعيم الجاه والترف . وبعد مرور سنوات عديدة توفي السلطان ونُصّبَ إبن الحطاب سلطاناً على السلطنة ، فإذا به منذ اليوم الأول لإستلامه المسؤولية يتذكر والده وتعنيفهُ له وتكراره في قوله " بأنه سوف لا ينصلح حاله ويصبح آدمياً !! " ، فنادى على الحرّاس واصفاً لهم المكان الذي يقع فيه كوخ والده وأمرهم بجلب الرجل مربوطاً بذيل الحمار مهاناً مذلولاً أمامه .فعل الحرّاس ما أمرهم به سلطانهم الجديد وإذا بالحطّاب المسكين يقف بعد بضعة أيام خائر القوى منهوكاً من التعب بين يدي السلطان ، فنظر كلاً منهما الى الآخر ولكن نظراتهما كانت مختلفة عن بعضهما البعض في معانيها ، فبينما نظر الإبن العاق متشفياً بمنظر والده الذي صَعُبَ حتى على من كان موجوداً من حاشيته ، إلا أنّ نظرات والده اليه كانت مملوءة بالشفقة والحزن على ما وصل اليه إبنه من عقوق !! ، وبعد أن تبادل الطرفان تلك النظرات قطع صوت الإبن تلك السكينة قائلاً لوالده : " ها يابة صرت سلطان لو مصرت ، جنت دائماً تكول الي ما راح يصير براسي خير وأصير آدمي !! " ، فردّ عليه والده بعيونٍ دامعةٍ قائلاً : " إبني آني ما كلتلك ما راح تصير سلطان ، بس آني كلتلك ما راح تصير آدمي ـ ـ ـ هو لو إنتَ آدمي جان تجيب أبوك هل جيبة !! " .