الجمعة، 1 يونيو 2012

واحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري


ان كنت عازلتي فسيري نحو العراق ولا تحوري
لا تسألي عن جل مالي وانظري كرمي وخيري
وفوارس كأوار حر النار أحلاس الذكور
شدوا دوابر بيضهم في كل محكمة القتير
واستلأموا وتلببوا ان التلبب للمغير

ولقد دخلت على الفتاة الخدر في اليوم المطير
الكاعب الحسناء ترفل في الدمقس وفي الحرير
فدفعتها فتدافعت مشي القطاة الى الغدير
ولثمتها فتنفست كتنفس الظبي الغرير
فدنت وقالت يا منخل ما بجسمك من حرور
ما شف جسمي غير وجدك فاهدأي عني وسيري
واحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري

يارب يوم للمنخل قد لها فيه قصير
ولقد شربت من المدامة بالقليل وبالكثير
فاذا انتشيت فانني رب الخورنق والسدير
واذا صحوت فانني رب الشويهة والبعير
ياهند من لمتيم يا هند للعاني الأسير 



كان النعمان بن المنذر ملك الحيرة قبيح الهيئة ،

وكانت زوجته ( المتجردة ) أجمل نساء زمانها ،

وكان النعمان يغار عليها بجنون ،

وفي ذات يوم شاهدها الشاعر النابغة ،

عندما صادفها فجأة في قصر النعمان (الخورنق)

وبرغم انها انحنت لتلتقط ازارها الذي سقط على الأرض لتداري حسنها ،

الا أن النابغة الذي بهت من جمالها ،

لم يستطع أن يكبح جماح نفسه ،

و انشد قصيدته الشهيرة التي يقول مطلعها:

ســقـط الـنصيف ولم ترد اسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
بمخضب رخـص البنان كأنه عنقود من فرط الحلاوة يعقد

وقبل ان يفيق من سكرة الشعر كان سيف النعمان يطلب رأسه ،

فظل هاربا لعشرات السنين ،

وكتب اعتذارياته الشهيرة للنعمان ،

وكان شاعرنا (( المنخل اليشكري )) من أجمل فتيان العرب وأرقهم شعرا ،

الى أن قادته أقدامه التعيسة الى قصر النعمان ،

وأصبح أحد ندمائه ، وبطريقة أو أخرى شاهد المتجردة فوقع في هواها ،

واصبح لا يغادر ( قصر الخورنق ) الا من اجل أن يعود اليه ،

و تناثرت الروايات عن علاقة بين (( المنخل والمتجردة ))

وكان ضيوف الحيرة ، يتهامسون في حضرة النعمان

بأن أولاد المتجردة من النعمان يشبهون المنخل ،

ووصلت الهمسات الى النعمان ،

فقبض على المنخل وأمر باحراق جثته ،

وان يذرى رمادها في الرياح حتى لا يتعرف أحد على مكان قبر المنخل ،

وأصدر أمرا بان يلقى نفس جزائه كل من يذكر اسمه ولو بالمصادفة أو ينشد قصائده .

والمحزن أن خطة النعمان نجحت في القضاء على كل اثر للشاعر والانسان ،

الذي لا نجد عنه شيئا في ذاكرة التاريخ ،

باستثناء هذه القصيدة التي نجحت في التصدي لسيوف النعمان ،

وحفظها الرواة عن ظهر قلب من شدة جمالها وعذوبتها ،

والقصيدة مكونة من ثلاث مراحل ،

كل منها أجمل من الآخر ،

وتدل على خفة ظل الشاعر الذي راح ضحية للاشتباه في غرامه بزوجة النعمان ،

ويبدأ الجزء الاول الذي اختزلناه لظروف المساحة ،

بافتخار الشاعر بقومه على عادة العرب فيذكر انهم تعودوا على الفروسية والحرب

ولا يهمهم المال ويهتمون بالكرم والشجاعة ،

وفي النصف الثاني يصف الشاعر غرامياته مع فتاة الخدر

التي وقعت في غرامه

ويختتمها بالبيت الشهير : ( واحبها… الخ )

الذي يعد من الطف الغزل في الشعر العربي ،


ثم يختتم القصيدة بمفاجأة غير متوقعة

عندما نكتشف أن كل ما كان يرويه مجرد تهيؤات بعد أن لعبت الخمر برأسه ،

وعندما أفاق عاد الى حقيقته البسيطة ليتحسر على أحواله الفقيرة و محبوبته الغائبة .