الجمعة، 6 يوليو 2012

رجل المحبة .

.



بسم الله الرحمن الرحيم


بكَتْ والدموع تملأ عينيها، يتملَّكها الخوفُ مِن سيِّدتها والحزن سيِّد الموقِف؛ إذ بالرجل الحنون العظيم الكريم الرَّحيم يقِف بجانبها.


بكلِّ شفقة يُخاطبها: لِمَ البكاء؟ ما بك أيَّتها الجارية الصغيرة؟ قالت: دراهم سيِّدتي فقدتُها، فما كان منه إلاَّ أن أخرجَ دراهم مِن جيبه ليرسمَ الفرحةَ لديها ليفرجَ همَّها وكربها.

إنَّه رجل مِثالي دون أدْنَى شكٍّ، لقد جسَّد قمَّة التعاون والرَّحمة ومد يدِ العون لِمَن به حاجة.

وما إنْ قضت حاجة سيِّدتها كان الوقت قدْ داهمها فوقفتْ بجانب الطريق؛ لتبكي مِن جديد حائِرةً ليجدَها مرةً أخرى رجل الإنسانية والتواضُع متسائلاً: ماذا حلَّ بك؟ قالت: داهمني الوقت.

هنا موقفٌ يُكتَب بماء الذهبِ في قلْب صفحات التاريخ من رجلٍ لم يعرفْ مثلَه التاريخُ إذ أخَذ بيدها إلى بيتِ سيِّدتها وما إنْ وصل إذ بالبيتِ ومَن فيه ينتفض فرحًا وسرورًا لمجيء رجل المحبَّة والوئام.

وبصوتٍ كله صدقٌ قالت سيدتها: هي حرَّةٌ لوجهِ الله؛ لأنَّها كانتْ سببًا في دخولِك بيتنا يا سيِّد المرسَلين.

واللهِ إنَّ قَلمي عاجز، وورقي يستحسُّ مِن روعة وجمال موقفك وأخلاقك يا نبيَّنا، فأنت القائدُ الحنون السابِق في فِعل الخيرات الذي رسمتَ طريق القائد الناجِح في رِعاية رعيَّته؛ مِن أجل الأخْذ بيدها إلى بَرِّ الأمان، ليتَ كل قائد يقتفي أثرَك، لَمَا واجهنا العناء والشقاء، ولذهبتِ البهرجة والمواكِب الرنَّانة، والحراسات الكثيرة، والنفقات المذهلة، وكان التواضعُ والطاعة مِن الرعية.

طابت رُوحك وعلَتْ سِيرتك يا نورَ الهدى، يا مَن جئت رحمةً للبشرية في كلِّ زمان ومكان لكلِّ إنسان يُريد النجاةَ مِن النِّيران ودُخولَ الجنان، والصلاة والسلام على النبيِّ العدنان محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم.

الخميس، 5 يوليو 2012

الحمّار الذي صار خليفة للمسلمين




قصة اعجبتني :كيف تطور ذاتك؟

هذه القصة حدثت تفاصيلها في الأندلس في الدولة الأموية يرويها لنا التاريخ .

وهي تحكي ثلاثة من الشباب كانوا يعملون حمّارين – يحملون البضائع للناس من الأسواق إلى البيوت على الحمير –

وفي ليلة من الليالي وبعد يوم من العمل الشاق تناولوا طعام العشاء وجلس الثلاثة يتسامرون فقال أحدهم واسمه

" محمد " :

افترضا أني خليفة ماذا تتمنيا ؟ فقالا :

يا محمد إن هذا غير ممكن .فقال : افترضا جدلاً أني خليفة .فقال أحدهم :

هذا محال ؟وقال الآخر : يا محمد أنت تصلح حمّار أما الخليفة فيختلف عنك كثيراً .

قال محمد : قلت لكما افترضا جدلاً أني خليفة , وهام محمد في أحلام اليقظة .

وتخيل نفسه على عرش الخلافة وقال لأحدهما : ماذا تتمنى أيها الرجل ؟ فقال :

أريد حدائق غنّاء .وماذا بعد ؟ قال الرجل : إسطبلاً من الخيل .وماذا بعد ؟

قال الرجل : أريد مائة جارية .وماذا بعد أيها الرجل .قال: مائة ألف دينار ذهب .

ثم ماذا بعد ؟يكفي ذلك يا أمير المؤمنين

.كل ذلك و محمد ابن أبي عامر يسبح في خياله الطموح ويرى نفسه على عرش الخلافة , ويسمع نفسه

وهو يعطي العطاءات الكبيرة ويشعر بمشاعر السعادة وهو يعطي بعد أن كان يأخذ , وهو ينفق بعد أن

كان يطلب وهو يأمر بعد أن كان ينفذ وبينما هو كذلك التفت إلى صاحبه الآخر وقال :

ماذا تريد أيها الرجل .فقال : يا محمد إنما أنت حمّار , والحمار لا يصلح أن يكون خليفة !!فقال محمد :

يا أخي افترض جدلاً أنني الخليفة ماذا تتمنى ؟فقال الرجل :

أن تقع السماء على الأرض أيسر من وصولك إلى الخلافة .فقال محمد : دعني من هذا كله ماذا تتمنى أيها الرجل

.فقال الرجل : إسمع يا محمد إذا أصبحت خليفة فاجعلني على حمارووجه وجهي إلى الوراء

وأمر منادي يمشي معي في أزقة المدينة ويُنادي أيها الناس ! أيها الناس ! هذا دجال محتال

من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن .

وانتهى الحوار ونام الجميع ومع بزوغ الفجر استيقظ محمد وصلى صلاة الفجروجلس يفكر ..

صحيح الذي يعمل حماراً لن يصل إلى الخلافة , الشخص الذي يستمردون تطوير لمهاراته بلا تحديد لأهدافه

وطموحاته لن يتقدم بل يتقادم .

فكر محمد كثيرا ما هي الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف المنشود . توصل محمد إلى قناعة رائعة جداً وهي

تحديد الخطوة الأولى حيث قرر أنه يجب بيع الحمار . وفعلاً باع الحمار .

أخي الكريم .. أختي الكريمة ..هل تعلم ما هو الحمار الذي يجب أن نبيعه جميعاً ؟

هي تلك القناعات التي يحملها الكثير مثل – لا أستطيع – لا أصلح – لست أهلاً . كأن يقول لنفسه أنا سيء .

أنا لا أنفع في شيء , وأن تستبدلها بقولناأنا أستطيع بإذن الله , يمكن أن أقدم خيراً , يمكنني أن أساهم في بناء المجتمع

.وانطلق ابن أبي عامر بكل إصرار وجد . يبحث عن الطريق الموصل إلى الهدف .

وقرر أن يعمل في الشرطة بكل جد ونشاط – تخيلوا .. أخواني ... أخواتي الجهدالذي كان يبذله محمد

وهو حمّار يبذله في عمله الجديد .

أعجب به الرؤساء والزملاء والناس وترقى في عمله حتى أصبح رئيساًلقسم الشرطة في الدولة الأموية في الأندلس .

ثم يموت الخليفة الأموي ويتولى الخلافة بعده ابنه هشام المؤيد بالله وعمره في ذلك الوقت عشر سنوات , وهل يمكن

لهذا الطفل الصغير من إدارة شئون الدولة . وأجمعوا على أن يجعلوا عليه وصياً ولكن خافوا أن يجعلوا عليه وصياً

من بني أمية فيأخذ الملك منه .. فقرروا أن يكون مجموعة من الأوصياءمن غير بني أمية , وتم الاختيار

على محمد ابن أبي عامر وابن أبي غالب والمصحفي . وكان محمد ابن أبي عامر مقرب إلى صبح أم الخليفة

واستطاع أن يمتلك ثقتها ووشى بالمصحفي عندها وأزيل المصحفي من الوصاية وزوج محمد ابنه

بابنة ابن أبي غالب ثم أصبح بعد ذلك هو الوصي الوحيد ثم اتخذ مجموعة من القرارات فقرر أن الخليفة

لا يخرج إلا بإذنه , وقرر انتقال شئون الحكم إلى قصره وجيش الجيوش وفتح الأمصار واتسعت دولة بني أمية

في عهده وحقق من الانتصارات ما لم يحققه خلفاء بني أمية في الأندلس .

حتى اعتبر بعض المؤرخين أن تلك الفترة فترة انقطاع في الدولة الأموية وسميت بالدولة العامرية .

هكذا صنع الحاجب المنصور محمد ابن أبي عامر , واستطاع بتوكله على الله واستغلاله القدرات الكامنة

التي منحه الله إياها أن يحقق أهدافه .

أخواني ... أخواتي .. القصة لم تنتهي بعد ففي يوم من الأيام وبعد ثلاثين سنة من بيع الحمار
والحاجب المنصور يعتلي عرش الخلافة وحوله الفقهاء والأمراء والعلماء .. تذكر صاحبيه الحمارين فأرسل أحد الجند وقال له :

اذهب إلى مكان كذا فإذا وجدت رجلين صفتهما كذا وكذا فأتي بهما

.أمرك سيدي ووصل الجندي ووجد الرجلين بنفس الصفةوفي نفس المكان ...

العمل هو هو .. المقر هو هو .. المهارات هي هي ..

بنفس العقلية حمّار منذ ثلاثين سنة .قال الجندي :

إن أمير المؤمنين يطلبكما .أمير المؤمنين إننا لم نذنب . لم نفعل شيئاً .. ما جرمنا .قال الجندي :

أمرني أن آتي بكما . ووصلوا إلى القصر دخلوا القصر نظرا إلى الخليفة .قالا باستغراب :

إنه صاحبنا محمد .قال الحاجب المنصور :

اعرفتماني ؟قالا : نعم يا أمير المؤمنين , ولكن نخشى أنك لم تعرفنا !قال :

بل عرفتكما ثم نظر إلى الحاشية وقال :

كنت أنا وهذين الرجلين سويا قبل ثلاثين سنة وكنا نعمل حمارين وفي ليلة من الليالي

جلسنا نتسامر فقلت لهما إذا كنت خليفة فماذا تتمنيا ؟ فتمنيا ثم التفت إلى أحدهما وقال :

ماذا تمنيت يا فلان ؟ قال الرجل : حدائق غنّاء .فقال الخليفة :

لك حديقة كذا وكذا . وماذا بعد ؟قال الرجل :

اسطبل من الخيل .قال الخليفة : لك ذلك وماذا بعد ؟قال : مائة جارية .قال الخليفة :

لك مائة من الجواري ثم ماذا ؟قال الرجل : مائة ألف دينار ذهب .قال :

هو لك وماذا بعد ؟قال الرجل : كفى يا أمير المؤمنين . قال الحاجب المنصور :

ولك راتب مقطوع - يعني بدون عمل – وتدخل عليّ بغير حجاب .ثم التفت إلى الآخر وقال له :

ماذا تمنيت ؟قال الرجل : اعفني يا أمير المؤمنين .قال :

لا و الله حتى تخبرهم .قال الرجل : الصحبة يا أمير المؤمنين .قال : حتى تخبرهم .فقال الرجل :

قلت إن أصبحت خليفة فاجعلني على حمار واجعل وجهي إلى الوراء وأمر منادي يُنادي في الناس

أيها الناس هذا دجال محتال من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن .

قال الحاجب المنصور محمد ابن أبي عامر :
افعلوا به ما تمنى حتى يعلم

" أن الله على كل شيء قدير " .