السبت، 28 أبريل 2012

حلو اللسان قليل اللأحسان... الكنة الطيبة من تراث الصين



كان يعيش فى احدى القرى رجل عجوز اسمه
لاو لين - مو . كان لديه ابن وثلاث بنات . كانت
بناته جميلات وفصيحات اللسان . وكان ابوهن
يتفاخر بهذا الشئ امام جيرانه .
كان يقول : حالما تبدأ بناتى بالكلام يطير الحمام
من على الاشجار بأتجاههن .
انتشرت الاشاعة عن البنات الفصيحات اللسان
بين الناس ، والاب كان يشعر بسعادة كبيرة .
مضت عدة سنوات . تزوجت البنات ، وتزوج
الابن ايضا . كانت كنة ( زوجة ابنه ) لاو لين - مو
متواضعة ومحبة للعمل ومجتهدة . وكانت دائما
ترتب البيت وتنظف الفناء . كانت تحيك وتطرز
بشكل رائع وتعمل فى الحقل بمهارة واتقان .
وكانت تعيش مع زوجها فى حب وسلام وتحترم
وتوقر حماها ، فلذلك كان يسميها الكل فى القرية
بالكنة الطيبة . لكن لاو لين - مو لم يكن يحبها ،
لانها لم تكن تتقن الكلام بشكل جميل مثل بناته .
قبل عيد رأس السنة الجديدة اخرج لاو لين
- مو بعضا من قطع النقود الفضية التى كان قد
حصل عليها كأجر عام كامل ونظر اليها طويلا .
وكان يشعر بالاسف لصرف هذه النقود لشراء
ملابس جديدة ليرتديها . ولم يكن يرغب فى شراء
فستان جديد لكنته . كان يريد ان يهدى هذه النقود
القليلة لبناته ، وكان عليه ان يقسمها الى ثلاثة
اجزاء حتى لا يغبن احدا من بناته فى القسمة .
لم يستطع الاب طوال الليل النوم ، فقد كان يفكر
فى كيفية التصرف فى هذه النقود ... واخيرا وجد
مخرجا .
فى اليوم التالى وعند بزوغ الفجر خرج من
المنزل من دون ان يفطر وقال فى نفسه : سوف
اتناول القليل من الطعام عند كل واحدة من بناتى
حتى اشبع .
قطع لاو لين - مو حوالى خمسة كيلومترات فى
طريقه الى ابنته الكبرى . فرحت الابنة عند رؤيتها
لابيها وقالت له كلمات كثيرة لطيفة وكيف انها
كانت فى انتظاره . وكان ابوها يبتسم وبهز راسه
فرحا .
وكان يقول فى نفسه : كيف تجيد ابنتى الكلام
بشكل جيد وتقول اشياء رائعة . سوف اعطيها
النقود .
قالت ابنته الكبرى اشياء كثيرة ، ولكنها لم
تنبس ببنت شفة عن الافطار . وادرك الاب ان ابنته
تستقبله فى بيتها بتكلف وبلا اخلاص وانها فقط
تجيد الكلام . لم يعطها النقود وغادر منزلها .
وقطع الاب خمسة كيلو مترات اخرى فى طريقه
الى منزل ابنته الوسطى . وعندما رأته فرحت ايضا
وقالت له كلمات كثيرة لطيفة ورقيقة وكررت
اكثر من مرة انها سوف تعد لابيها الافطار . ولكنها
لم تبدأ فى الاعداد . وادرك ابوها ان ابنته الوسطى
تستقبله بتكلف وبلا اخلاص . لم يعطها النقود
وغادر منزلها .
قطع الاب خمسة كيلو مترات اخرى ووصل الى
منزل ابنته الصغرى . استقبلت اباها ، وكما فعلت
اختاها من قبل ، ببشاشة وحفاوة وقالت فى عجالة
انها سوف تعد له على الافطار فطائر بالزبدة .
هز الاب رأسه فرحا . وكان يحب ابنته الصغرى
كثيرا ، فقرر الاب ان يهدى ابنته الصغرى النقود
بعد ان رأى اخلاصها وحفاوة استقبالها له .
شعر الاب بالجوع وذهب الى المطبخ ولكنه لم
ير ابنته ورأى الفطائر الشهية الساخنة والتى
كان يخرج منها البخار . اخذ الاب فطيرة ليأكلها
فدخلت فجأة ابنته . وبسرعة قام الاب بنزع
قبعته الشتوية من على رأسه ووضع الفطيرة
الساخنة على رأسه ومن ثم غطى رأسه بالقبعة .
اكتشفت الابنة بعد ان عدت الفطائر ، ان عددها
غير كامل وينقص فطيرة واغحدة وفهمت الامر
وقالت لابيها : يا ابى لقد اخذ التعب منك حتى ان
البخار يتصاعد من رأسك . لماذا لا تخلع القبعة Question
رد الاب بأستهزاء :
- لان عندى بنات مثلكن ... فرغما عن انفى
سوف اعرق من السعادة .
سكتت الابنة . وايقن الاب انها تقول مالا
تعتقده . وهى ايضا كلماتها حلوة ولطيفة ، لكن
قلبها قاس . لم يعطها شيئا ورجع الى بيته
وبحوزته النقود .
كانت الكنة فى هذا الوقت جالسة تغزل عند باب
المنزل . وحالما رأت حماها تركت المغزل وبدأت
تقديم الغذاء . وكان الطعام ساخنا ورائحته
زكية .
وهنا كذب عليها الاب وقال لها : لقد تناولت
الافطار ثلاث مرات عند بناتى وانا الان
شبعان .
ردت عليه الكنة : تناول الطعام مرة
واحدة فى منزل افضل من تناول الطعام
ثلاث مرات فى ضيافة الاخرين .
لم يملك لاو لين - مو ان يرفض واكل حتى
الشبع .
وهنا ادرك ان كنته بالفعل طيبة وبدون كلمات
لا جدوى منها اعتنت به وقدمت له الطعام.
سوف اعطيها النقود . هذا ما قرره الاب وفعله .
منذ ذلك الوقت لم يفتخر لاو لين - مو ببناته
وعندما كان الناس يمدحون كنته كان يشعر
بالرضا ويبتسم من حين لاخر .

ليست هناك تعليقات: