الجمعة، 27 أبريل 2012

(حجي احمد أغا .. قائد العسس في زمن العثمانيين


وكان (الاغا) ممثلاً للحكومة ومطبقا لقوانينها وانظمتها واميناً عاماً على رعاياها.
كان (الاغا) بالاضافة الى خشونة وغلظة طبعه واستهتاره بمحرمات الناس ، كان جاهلاً بقوانين الحكومة وانظمتها ولا يعرف منها شيئاً ،فاشتهر جراء ذلك بقوانينه الفورية التي كان يشرعها حسب مقتضيات الامور وبناء على رغبته واهوائه.
ولعله اشتهر بما توارثه البغداديون في التراث عن ذلك الجلوز المثل المشهور ( روح قنع حجي احمد اغا) .ويضرب هذا المثل للشخص الذي لا يرضى ان يتفهم الامور ويرضخ للحق ويعترف بالواقع ،ولهذا المثل قصة بغدادية طريفة ومعروفة يتداولها الناس خلاصتها : ان عجوزاً ضاقت ذرعاً من استهتار ولدها وادمانه على شرب الخمرة وتركه لعائلته واطفاله ،فقررت ان تشكوه الى (احمد اغا) فحضرت الى ديوانه ورفعت مظلمتها اليه ، وحينما استوعب شكواها صرخ بجلاوزته ان يذهبوا مع العجوز ويحضروا ولدها العاق حتى يقوم شخصياً بتأديبه وافهامه واجباته تجاه عائلته ووالدته ..في نفس الوقت ندمت العجوز على شكواها لانها تعلم جيداً سوف يكون مصير ولدها تحت رحمة زبانية الاغا.
ولكن ندمها لم يعد نافعاً .. اذ لا يمكنها التنازل عن شكواها خشية ان تساق بتهمة الاخبار الكاذبة ، وذهبت العجوز برفقة الجلاوزة لجلب ولدها الى (ديوان المظالم) كما كان يسمى انذاك.
وفي الطريق فكرت العجوز بحيلة تنجي ولدها من تأديب الاغا ويعتق رقبتها من الاخبار الكاذبة .. فشاهدت حمالاً فقيراً كان جالساً في زاوية من السوق فاشارت اليه قائلة : هذا ولدي العاق خذوه للاغا ، وانهال الجلاوزة على الحمال بالضرب والرفس والمسكين يصرخ ويستغيث ووصل الحمال الى ديوان المظالم وهو في النزع الاخير من التعذيب والركل ممزق الثياب واقفا في قفص الاتهام منتظراً ساعة الحساب.
وبعد ان مسح الاغا شاربه وبرمه الى الاعلى ، صرخ بوجه الحمال بلغة تتجلى فيها اللكنة التركية : ( ولك شلون امك عايف ..بلا اكل بلا مصروف) فاجاب الحمال وهو يرتجف من الخوف بان امه ماتت منذ زمن وان العجوز كذبت في دعواها فصرخ الاغا والشر يتطاير من عينيه (ملعون ولد ينكر امه) وقد اعاد الضرب عليه ثانية حتى اضطر ان يعترف بانها امه ، واعطى تعهداً بتحسين سلوكه معها .فامر الاغا بان يحملها على كتفه للبيت .. وامتثل المسكين للامر وحملها على كتفيه وخرج من ديوان المظالم ..وفي الطريق سأله بعض من عرفه عنها.
فقال انها امه ،فاستغرب السائلون لانهم يعرفون ان امه قد ماتت منذ زمن فرد عليهم قائلاً : ( انا هم مثلكم ادري امي ميته ..ولكن روحوا قنعوا الاغا).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق