السبت، 2 يونيو 2012

انا اسرق بصراحة" و"لا ارتاح الا بين الموتي >>> قصة طاغية







عام 37 للميلاد , تدهورت صحة الامبراطور طبريوس و دخل في اغماءة طويلة , و بحسب روايات بعض المؤرخين فأن كاليغولا و بمساعدة ماركو قاموا بالتعجيل بموت الامبراطور عن طريق خنقه بوسادة , و لأن جميليوس كان لازال صغيرا لذلك  و بمساعدة من ماركو , فقد نودي بكاليغولا امبراطورا و استقبلته الحشود في روما بهتافات الحب و التشجيع , فقد رأوه المنقذ بعد ان ذاقوا الامرين خلال السنوات الاخيرة من عهد الامبراطور طبريوس , و بحسب رواية بعض المؤرخين الرومان فأن احتفالات تنصيب كاليغولا استمرت لمدة ثلاثة اشهر , اقيمت خلالها المهرجانات الراقصة و الصاخبة و جرت خلالها العديد من نزالات حلبة المصارعة الرومانية التي كانت الرومان يعشقوها اكثر من أي شيء اخر , كما تم التضحية للآلهة بما يقارب 160000 حيوان , و قد اجمع جميع من كتب عن تلك الفترة , بأن السبعة اشهر الاولى من حكم كاليغولا كانت في غاية الهدوء و السعادة , فقد قام كاليغولا بتخفيض الضرائب على المواطنين الرومان و قام بتوزيع الاموال على الفقراء و اقام المهرجانات و الاحتفالات الضخمة ليسعد الجماهير كما قام بألغاء المحاكم التي اقامها الامبراطور طبريوس للنبلاء و التي يتم بموجبها اعدامهم و مصادرة اموالهم. الا ان سعادة و غبطة روما بأمبراطورها الجديد لم تدم طويلا , ففي تشرين الاول / اكتوبر عام 37 للميلاد , مرض الامبراطور كاليغولا فجأة و سقط صريع الفراش , و اصبحت حالته وخيمة حتى ايقن البعض بهلاكه , و خيم الحزن على روما بسبب مرض امبراطورها الحبيب , و مع ان المؤرخين لم يذكروا طبيعة المرض , هل هو جسدي ام عقلي الا ان المؤرخ فيلو , و هو من المعاصرين لكاليغولا , يقول بأن افراط الامبراطور في الاستحمام و شرب الخمر و ممارسة الجنس كان هو السبب الرئيسي لمرضه , كما ان كاليغولا كان يعاني من مرض الصرع منذ طفولته , و لابد ان هذه الامور مجتمعة قد ادت الى مرضه , و ربما لو مات كاليغولا اثناء مرضه هذا , لذكره التاريخ كأحد الاباطرة الرومان المحبوبين , لكن للقدر ابى الا ان يري روما الوجه الاخر لكاليغولا , فقد نهض الامبراطور و تعافى من مرضه كليا , لكنه تغيير كليا عما كان عليه , اصبح نومه قليلا جدا و تقض الكوابيس مضجعه فيهيم على وجهه داخل القصر الامبراطوري , يتنقل هاربا بين اقسامه بأنتظار الصباح , و اصبح اكثر قسوة و سادية , قام فور نهوضه من المرض بقتل عدد من افراد البلاط المخلصين له , و قام بنفي زوجته و اجبر والدها على الانتحار , كذلك قام بقتل جيمليوس , حفيد الامبراطور طبريوس و ولي العهد ,  و قام بأغتصاب زوجة صديقه السابق ماركو امام عينه و جعله قوادا عليها في احد بيوت الدعارة التي شيدها داخل القصر الامبراطوري ثم قتله شر قتلة , و قام بأجبار اشراف روما على ارسال نسائهم و بناتهم الى بيوت الدعارة هذه للعمل فيها , و اجبر الاغنياء منهم على تغيير وصاياهم و كتابة وصايا جديدة تذهب جميع ثروتهم للأمبراطور بموجبها. و رغم ان اغلب المؤرخين متفقين على ان المرض كان السبب الرئيسي للتحول الذي حدث في تصرفات الامبراطور , الا ان هناك اخرون يعتقدون بأن الطبيعة الوحشية و السادية كانت موجودة و كامنة اساسا لدى كاليغولا , فقد كان يعاني من الصرع منذ طفولته و كان يرزح تحت تأثير الكثير من العقد النفسية التي رافقت طفولته الحزينة و فقده لعائلته , فقد كان ساديا يحب التعذيب و القتل و الاغتصاب , و قد نفس عن هذه العقد عندما كان برفقة الامبراطور طبريوس في مهرجانات القتل و الجنس الجماعي التي كان يقيمها في جزيرة كابري , كما كان كاليغولا مهووسا بأنتهاك المحرمات , كانت تربطه منذ سن المراهقة علاقة جنسية محرمة مع اخواته الثلاث , و علاقته الجنسية مع اخته دورسيلا كانت على كل لسان و حديث الناس , حيث كان يعشقها و يهيم بها حبا , و كان ينوي انجاب طفل منها على طريقة الطبقة الحاكمة لدى الفراعنة في الزواج من المحارم للحفاظ على نقاء الدماء الملكية , كما كان كاليغولا يهوى اغتصاب النساء امام اعين ازواجهن و اهلهن , بل كان يجبرهم احيانا على العمل كقوادين لهن!! و لم تكن هناك امرأة جميلة في الامبراطورية تسلم من شبقه و هوسه الجنسي , كان يغتصب أي امرأة يعجب بها بغض النظر عن درجتها الاجتماعية او عائلتها او حتى قرابتها منه ثم يقتلها بعد ان يمل منها , لذلك عزيزي القاريء فأن ما سيحدث في الاعوام القادمة من حكم هذا المريض النفسي سيكون شيئا متوقعا , و ان روما التي رقصت طربا و فرحت بالأمبراطور الجديد ستشهد ايام سوداء كالحة , و ستشهد الامبراطورية كلها في سنواتها القادمة مجموعة من الاباطرة المرضى و المجانين يحكمون لأشهر او سنوات قليلة وصولا الى مجنون روما الاشهر , الامبراطور نيرون.
في عام 38 , جمع كاليغولا جميع السفن الموجودة في روما و قام ببناء جسر عليها يربط بين ضفتي مضيق نابولي , أي بطول ثلاثة اميال , ثم قام بعبور هذا الجسر ممتطيا جواده , و قد اختلف المؤرخون في الغاية من هذا العمل الجنوني , حيث ذهب بعضهم الى انه اراد ان يبر بقسم قديم قطعه على نفسه في حال اصبح امبراطورا , و اخرون قالوا انه اراد ان يتشبه بالآلهة , لكن ايا كان السبب فأن النتيجة الحتمية لهكذا عمل ضخم و للأحتفالات الصاخبة التي يقيمها الامبراطور كل يوم , و لتبذيره و اسرافه الذي لا يعرف حدودا , هو خواء خزينة الدولة من المال , و كذلك نفاذ الحبوب في المخازن لأن السفن التي كانت تستعمل لنقل الحنطة من مصر الى روما استخدمت في انشاء جسر الامبراطور في نابولي , و نتيجة لذلك حصلت مجاعة كبيرة في روما راح ضحيتها الكثيرون , و للحصول على المزيد من الاموال فقد اعاد كاليغولا فرض الضرائب على الشعب و كذلك اعاد العمل بالمحاكم التي أنشئها سلفه الامبراطور طبريوس للمحاكمة بتهمة الخيانة , و التي كان الغرض الرئيسي منها هو مصادرة الاموال و قد نقل المؤرخون رواية طريفة بهذا الخصوص , حيث اعدم كاليغولا أحد اشراف روما ثم تبين بأنه مفلس فقال متأسفا "اه .. يا للأسف , أزهقت حياته بدون فائدة".
كما ان الامبراطور افتتح الكثير من بيوت الدعارة داخل قصر الامبراطور و هو امر لم يسبقه اليه احد , و كان ريع هذه البيوت يذهب اليه , بل الادهى انه و حسب الروايات كان يؤجر حتى نساءه و اخواته لممارسة الجنس مقابل المال , و قام بترتيب مبارات القتال الدموية في حلبة المصارعة الرومانية من اجل المراهنة و القمار , و يروى ان المصارعين كانوا يرمون لنزال الاسود و النمور حتى الموت , و انه في احدى تلك المباريات و عندما لم يبقى أي مصارع ليقاتل في الحلبة , امر كاليغولا بأختيار اشخاص من المتفرجين عشوائيا و اجبرهم للنزول الى الحلبة.
و يبدو ان جنون الامبراطور لا يقف عند حد , فقد بنى بيتا فخما لحصانه المفضل , انكيتاتيوس , و البسه الثياب الفاخرة المرصعة بالجواهر , و جعل له عدد كبير من الخدم و الحاشية , و اجبر نبلاء روما و اشرافها على الحضور الى حفلات ضخمة كانت تقام على شرف الحصان , و كان يشاركه الطعام على نفس المائدة , كما كان ينوي جعل حصانه عضوا في مجلس الشيوخ الروماني لولا ان المنية سبقته.
و في الفترة الاخيرة من حكمه القصير , ادعى كاليغولا الربوبية , و طلب ان يعبد كآله , و قام ببناء معبد فخم له في روما , وضع فيه تمثالا منحوتا على هيئته من الذهب الخالص و امر الجميع بأن يعبدوه , كما قام بوضع تماثيله في معابد اليهود في القدس لكي تعبد.
و ربما تكون حملات كالغولا العسكرية ليست اقل جنونا من افعاله الاخرى , فقد قام بحملة عسكرية الى المانيا , لكنها كانت بدون فائدة و لم يخض حربا حقيقية , ثم وجه الجيش الى انكلترا , لكنه لم يعبر اليها , فعندما وصل الى قناة المانش الفاصلة بين اوربا و انكلترا , امر جنوده بأن يقوموا بجمع الاصداف البحرية على الشاطيء ثم قفل عائدا الى روما!!
في 24 كانون الثاني / يناير عام 41 للميلاد و بعد اربع سنوات من الحكم المجنون , قام الحرس الامبراطوري بأغتيال كاليغولا حيث طعن لثلاثين مرة , و قتلوا زوجته معه و هشموا رأس ابنته الصغيرة على الجدار , و هكذا انتهى و بصورة مرعبة و دموية حكم واحد من اكثر اباطرة روما جنونا.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق