كان
يعيش فى احدى القرى رجل عجوز اسمه
لاو
لين - مو . كان لديه ابن وثلاث بنات . كانت
بناته
جميلات وفصيحات اللسان . وكان ابوهن
يتفاخر
بهذا الشئ امام جيرانه .
كان
يقول : حالما تبدأ بناتى بالكلام يطير الحمام
من على
الاشجار بأتجاههن .
انتشرت
الاشاعة عن البنات الفصيحات اللسان
بين
الناس ، والاب كان يشعر بسعادة كبيرة .
مضت
عدة سنوات . تزوجت البنات ، وتزوج
الابن
ايضا . كانت كنة ( زوجة ابنه ) لاو لين - مو
متواضعة
ومحبة للعمل ومجتهدة . وكانت دائما
ترتب
البيت وتنظف الفناء . كانت تحيك وتطرز
بشكل
رائع وتعمل فى الحقل بمهارة واتقان .
وكانت
تعيش مع زوجها فى حب وسلام وتحترم
وتوقر
حماها ، فلذلك كان يسميها الكل فى القرية
بالكنة
الطيبة . لكن لاو لين - مو لم يكن يحبها ،
لانها
لم تكن تتقن الكلام بشكل جميل مثل بناته .
قبل
عيد رأس السنة الجديدة اخرج لاو لين
- مو
بعضا من قطع النقود الفضية التى كان قد
حصل
عليها كأجر عام كامل ونظر اليها طويلا .
وكان
يشعر بالاسف لصرف هذه النقود لشراء
ملابس
جديدة ليرتديها . ولم يكن يرغب فى شراء
فستان
جديد لكنته . كان يريد ان يهدى هذه النقود
القليلة
لبناته ، وكان عليه ان يقسمها الى ثلاثة
اجزاء
حتى لا يغبن احدا من بناته فى القسمة .
لم يستطع
الاب طوال الليل النوم ، فقد كان يفكر
فى كيفية
التصرف فى هذه النقود ... واخيرا وجد
مخرجا
.
فى اليوم
التالى وعند بزوغ الفجر خرج من
المنزل
من دون ان يفطر وقال فى نفسه : سوف
اتناول
القليل من الطعام عند كل واحدة من بناتى
حتى
اشبع .
قطع
لاو لين - مو حوالى خمسة كيلومترات فى
طريقه
الى ابنته الكبرى . فرحت الابنة عند رؤيتها
لابيها
وقالت له كلمات كثيرة لطيفة وكيف انها
كانت
فى انتظاره . وكان ابوها يبتسم وبهز راسه
فرحا
.
وكان
يقول فى نفسه : كيف تجيد ابنتى الكلام
بشكل
جيد وتقول اشياء رائعة . سوف اعطيها
النقود
.
قالت
ابنته الكبرى اشياء كثيرة ، ولكنها لم
تنبس
ببنت شفة عن الافطار . وادرك الاب ان ابنته
تستقبله
فى بيتها بتكلف وبلا اخلاص وانها فقط
تجيد
الكلام . لم يعطها النقود وغادر منزلها .
وقطع
الاب خمسة كيلو مترات اخرى فى طريقه
الى
منزل ابنته الوسطى . وعندما رأته فرحت ايضا
وقالت
له كلمات كثيرة لطيفة ورقيقة وكررت
اكثر
من مرة انها سوف تعد لابيها الافطار . ولكنها
لم تبدأ
فى الاعداد . وادرك ابوها ان ابنته الوسطى
تستقبله
بتكلف وبلا اخلاص . لم يعطها النقود
وغادر
منزلها .
قطع
الاب خمسة كيلو مترات اخرى ووصل الى
منزل
ابنته الصغرى . استقبلت اباها ، وكما فعلت
اختاها
من قبل ، ببشاشة وحفاوة وقالت فى عجالة
انها
سوف تعد له على الافطار فطائر بالزبدة .
هز الاب
رأسه فرحا . وكان يحب ابنته الصغرى
كثيرا
، فقرر الاب ان يهدى ابنته الصغرى النقود
بعد
ان رأى اخلاصها وحفاوة استقبالها له .
شعر
الاب بالجوع وذهب الى المطبخ ولكنه لم
ير ابنته
ورأى الفطائر الشهية الساخنة والتى
كان
يخرج منها البخار . اخذ الاب فطيرة ليأكلها
فدخلت
فجأة ابنته . وبسرعة قام الاب بنزع
قبعته
الشتوية من على رأسه ووضع الفطيرة
الساخنة
على رأسه ومن ثم غطى رأسه بالقبعة .
اكتشفت
الابنة بعد ان عدت الفطائر ، ان عددها
غير
كامل وينقص فطيرة واغحدة وفهمت الامر
وقالت
لابيها : يا ابى لقد اخذ التعب منك حتى ان
البخار
يتصاعد من رأسك . لماذا لا تخلع القبعة
رد الاب
بأستهزاء :
- لان
عندى بنات مثلكن ... فرغما عن انفى
سوف
اعرق من السعادة .
سكتت
الابنة . وايقن الاب انها تقول مالا
تعتقده
. وهى ايضا كلماتها حلوة ولطيفة ، لكن
قلبها
قاس . لم يعطها شيئا ورجع الى بيته
وبحوزته
النقود .
كانت
الكنة فى هذا الوقت جالسة تغزل عند باب
المنزل
. وحالما رأت حماها تركت المغزل وبدأت
تقديم
الغذاء . وكان الطعام ساخنا ورائحته
زكية
.
وهنا
كذب عليها الاب وقال لها : لقد تناولت
الافطار
ثلاث مرات عند بناتى وانا الان
شبعان
.
ردت
عليه الكنة : تناول الطعام مرة
واحدة
فى منزل افضل من تناول الطعام
ثلاث
مرات فى ضيافة الاخرين .
لم يملك
لاو لين - مو ان يرفض واكل حتى
الشبع
.
وهنا
ادرك ان كنته بالفعل طيبة وبدون كلمات
لا جدوى
منها اعتنت به وقدمت له الطعام.
سوف
اعطيها النقود . هذا ما قرره الاب وفعله .
منذ
ذلك الوقت لم يفتخر لاو لين - مو ببناته
وعندما
كان الناس يمدحون كنته كان يشعر
بالرضا
ويبتسم من حين لاخر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق