الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

ولك ماتصير ادمي

 

يحكى ان رجلا كان يسكن في بغداد وفي محلة الفضل ، خلوقا وتقيا ورعا ، وله ابن كثرت مخالفاته ومشاجراته وانحرافه ، وكان والده يؤنبه بالقول ( ولك ماتصير ادمي ) ، وهكذا كان الجدال بينهما مستمرا ،  حتى ضاق الصبي ذرعا من معاملة والده فهرب من الدار وانتقل من بغداد الى الاستانة ، وتطوع جنديا في الجيش العثماني وكانت كلمات والده تدور في فكره ( انت ما تصير ادمي ) فاراد ان يخالف قول والده بان يصير ادميا ، فخدم في الجندية ورقي حتى اصبح ضابطا ثم نال الباشوية وعين واليا في ديار بكر ، وارسل برقية الى بغداد:
{ ارسلوا ( فلان ) الساكن في محلة الفضل الينا محفوظا ( مخفورا ) وفي الحال } فالقى الجندرمة القبض على ابيه وكبلوه في الحديد وارسلوه الى ديار بكر ، فوصلها بعد ان ذاق الامرين من الجندرمة ، فقال له الوالي : اتعرفني ؟ اجاب  : بالنفي ، فقال له : هل كان عندك ولد ؟ اجاب : كان عندي ولد وهرب منذ اربعين سنة ولم اسمع بخبره ولا وصلتني منه رسالة واكثر الظن انه توفي . فقال له : لم هرب ؟ اجاب : كان فاسدا وعديم الاخلاق  وكنت اؤنبه واقول له ( ما اتصير ادمي ) فتاثر من قولي وهرب ولم اعرف مصيره حتى هذه الساعة . فقال له: انا ولدك فلان ، كيف تقول لي ما اتصير ادمي والان انا صرت واليا وباشا ! فاطرق الوالد مليا ثم رفع راسه وقال له : انا ما قلت ما اتصير والي ، وما قلت ما اتصير باشا ، وانما قلت لك ما اتصير ادمي ، وانت حتى الان ما صرت ادمي ، فلو كنت ادمي لما جلبت والدك بهذه الحالة المزرية من التعسف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق