قراءةً في سيرة العالم «الكسندر جراهام بيل» مخترع الهاتف.. هذا العالِمُ كان لا يستهويه شيءمثل ولعه بالصوتيات، أو بجمال الصوتيات، وعلى رأسها الموسيقى. فقد كان يحفظ عن ظهرقلبٍ نوتات موسيقية لكبار موسيقيي زمانه وسوناتاتهم، ويعزف على البيانو ببراعةٍ، بل قرأتُ في مصدرٍ آخر أنه مؤلفٌ موسيقي أيضا.. وكان على رأس أحلامه أن يتزوج فتاةًتحب الموسيقى، وتهواها كما هو مولعٌ بها، لتشـاركه هواية وولع حياته، لأنه يرى أن الحياة بلا أصوات، ككهفٍ بلا نور .. سمّاهُ العدَم.
وفي يوم وقع الحبُّ في قلبه من أول نظرة، كانت «ميل هيبوارد» التي خطرتْ أمامه فتاة الأحلام، هي الأنثى في كمالِها وتمامِها، هي الأنثى التي تكفيه كلّ نساء الأرض، أحبها بكل ذرةٍ حيّة منه .. حتى اكتشف أن «ميل» صمّاءٌ تماما!
هل تراجع جراهام عن حب حياته؟
لا، لم يتردد لحظة.
ولكن .. استطاعت هذه الفتاةُ الرقيقة المسكينة الصمّاءُ أن تكون كل محور نجاح «جراهام بيل» الذي تجاوب صداه في أركان الأرض ومسافات الزمن.. إنها كماقال: «أثرت على حياتي، وكأن كل حياتي بدأتْ بها !» لقد كانت تلك الفتاةُ الصماءملهمته الحقيقية، ومنبع إبداعاته، إنه الحب عندما يتحول إلى طاقة للإبداع، عندمايكون حافزاً لمجاورة المستحيل، عندما يعطيك هذه الحماسة العجيبة أنك خارقٌ، وأنك منيعٌ، وأنك قادرٌ على تحقيق أيّ شيء.
لقد كانت زوجتُه حبّ كل حياتِه، ملهمته الأولى والأخيرة، والوحيدة في كل عمل به قام بعد ذلك سواءً أكان صغيرا أم كبيرا .. أعمالٌ استمرتْ من خلال زواجٍ عمّر أكثر من نصف قرن.
ولقد تفانى الزوجُ أيضا،فقد أقام «جراهام» مدرسة في بيته، والتلميذة كانت واحدة، هي حبيبته، زوجته «ميل»،علـّمها كيف تقرأ حركاتِ الشفاه، ومن أجلها هاجر إلى كندا، ثم إلى الولايات المتحدةالأمريكية، وفي مدينة بوسطن أمضى أعواماً يشرح تجربته الفريدة مع زوجته لمدرّسي الصمّ في المدينة.. يقول جراهام: «لقد أحببتها، وأحبتني، فعلمتها كيف تسمعني .. بقلبها، بشعورها، بحواسها .. أما أنا فقد علمتني «ميل».. كل شيء».
يقول جراهام كلاما لطالما أعدت قراءته منتشيا:
«لقد عشتُ مع هذه المرأة أعظم قصةِ حبٍّ في الوجود!».
إن القصصَ الإنسانية العظيمة يستمر أثرُ عظمتِها على الناس عندمايكونون شريفي القلوب، رفيعي الذوق، وبعاطفةٍ عادلة.. لذا، كل ما أتمناه الآن، وأظنه قائمٌ إن شاء الله، هو أن صديقـَنا المدَني يعيش الآن أعظم قصة حبٍّ في حياتِه ..
وسؤالي لكم جميعا: ما الذي يمنعنا من أن نعيشَ تلك السعادة؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق