لاتحشر نفسك في حياة الآخرين
لاحظ سامي علي ابنه أنه يضع أنفه في حياة الكثيرين، ففي محبة
قال له: "لتحب الكل، لكن لا تتدخل في شئونهم إلا إذا طلبوا منك ذلك
وفي حدود ضيقة، فيحبوك ويحترموك وتحفظ حياتك من متاعب كثيرة".
روي سامي لابنه قصة الثعلب الحكيم:
أصيب أسد بمرضٍ أرهقه، وكانت رائحة كريهة تفوح من فمه.
بالكاد كان يسير في الغابة يبحث عن فريسة، وإذ رأي حمارًا سأله: "أيها الحمار العزيز،
إني أشعر بتعب شديد، وأود أن أسألك: هل تفوح من فمي رائحة كريهة؟"
أجابه الحمار الأحمق: "نعم، فإن رائحة فمك لا تطاق!" ظانُا أنه يقول كلمة الحق مهما كان الثمن.
عندئذ زأر الأسد وهجم علي الحمار وهو يقول له
: "كيف تتجاسر أيها الحمار الجاهل وتهين ملك الأسود!" وافترس الأسد الحمار.
بعد يومين عبر الأسد بدبٍ سمع عما حدث مع الحمار. وإذ سأله الأسد كما سبق مع الحمار،
خاف الدب من الأسد، فأجابه: "سيدي ملك الغابة، وسيد كل الحيوانات،
إني أشتم من فمك رائحة زكية رائعة، لم اشتمها من قبل"، ظانًا أنه يتكلم بحكمةٍ.
زأر الأسد وقال له: "يا أيها الدب المخادع، إنك مرائي، كيف تقول هذا وأنا أشتم رائحة كريهة
تخرج من فمي، كيف تتجاسر وتنافق ملك الغابة؟!"، ثم هجم عليه وافترسه.
بعد أيامٍ قليلة عبر علي قرد، وإذ رآه القرد هرب منه وتسلق شجرة،
وإذ كان الأسد جائعًا توسل إلي القرد لكي ينزل ويشتم رائحة فمه.
أما القرد الذي سمع عما فعله الأسد مع الحمار والدب فقال للأسد:
"سيدي ملك الوحوش.
إني أشتهي أن أخدمك،
وأحقق لك طلبتك.
لكنني أعتذر لك، فإني أعاني من البرد، فلا أستطيع أن أشتم شيئًا بسبب مرضي".
نجا القرد من الأسد المفترس لأنه لم يرد أن يدخل فيما لا شأن له به.