الجمعة، 27 أبريل 2012

التيس الذي اصبح أسدا

كان ياما كان في قديم الزمان
كان هناك تيس يعيش في الغابة منطويا على نفسه ومنعزلا عن الحيوانات
وفجأة مل من حياة العزلة وهو يرى الحيوانات الاخرى 
كل يتباهى بما لديه مما حباه الله به 
فالثعلب بمكره ودهائه وفروه الجميل
والنعامة بريشها البراق
والديك يزهوا بالوانه 
والقطط بجمالها والفتها
والكلاب بوفائها لاصحابها
ولان هذا التيس حاقد على الغابة بسبب عزلته واحتقاره لنفسه
فقد حسد الجميع على ما لديهم
حتى الفئران حسدها على خفتها وسرعة اختباءها
واراد هذا التيس ان يصنع من نفسه شيئا مهما في الغابة
وان يظفر بمجد وشهرة وصيت وقوة 
ففكر كيف يكون ذلك
بينما هو غارق في التفكير
كيف يكون شيئا من لاشيء في هذه الغابة الكبيرة
مر عليه صديقه الكديش ولم يكن له صديق غيره
فقال له ما رأيك يا تيس بأن تبدل حالك الى أسد !!
فرد التيس : وكيف أصير أسدا وأنا تيس ولي سكسوكة ؟!
فأجابه الكديش : بسيطة يا عزيزي التيس !! هناك في الغابة يبيعون جلود الحيوانات الميتة !!
ما رأيك ان نذهب ونشتري لك جلد أسد لتلبسه ثم مارس ما يقوم به الاسود في الغابات !!
فاعجبت الفكرة التيس ، ولكنه فكر قليلا وقال للكديش : ولكن هناك اسود في الغابة أخاف ان لا يقبلوا بوضعي الجديد من تيس إلى أسد ؟!!!!
فطمأنه الكديش بأنه سيتوسط له عندهم لكي يقبلوا بوجوده وهيئته الجديدة وقال له : انظر غابتنا لديها اعداء في الخارج وانا سوف اقنعهم بان وجودك كأسد افضل من وجودك كتيس في الغابة من باب كثرة الاسود فتهابنا جميع الغابات.
اختمرت الفكرة في رأس التيس
ولكنه سأل الكديش : اي جلد أسد اشتريه ؟!
فقال له صاحبه الكديش : اقترح عليك شراء جلد اسد قوي ومعروف بقوته ، وارى انه من المناسب شراء جلد اسد بابلي
فاسود العراق معروفة منذ القدم بقوتها ولا يوجد احد لم يشاهد تماثيل اسود بابل !!
اعجبت الفكرة كثيرا صاحبنا التيس
ولكن التيس اردف قائلا : يا صديقي الكديش بابل مدينة عراقية قديمة
اريد ان البس جلدا لأسد يتبع مدينة عراقية معروفة !
فاقترح عليه الكديش اسم مدينة عراقية معروفة فوافق التيس عليها فورا لما لهذه المدينة من صيت وشهرة

وذهب التيس واشترى الجلد ولبسه
وبدأ يتعلم الزئير ولكنه في بعض الاحيان يبمبع 
ولكنه في النهاية اقنع نفسه بانه اسد 
وقبلته الاسود على وضعه الجديد
ولكن هذا التيس الأسد فكر بان وجوده وحيدا معقدا ومنعزلا
سوف لن يجعل له صيتا وشهرة
فهو بحاجة الى برسيم بشكل دائم وبحاجة الى اموال يشتري بها حاجياته
خاصة وان هذا التيس كان غارقا في الافلاس 
وكانت هناك زريبة جميلة يرعى منها الكثير من الحيوانات وتعيش بسلام
ففكر التيس بالانضمام اليها وتودد الى اصحابها ليكون ضمن القطيع
فقبلوا بانضمامه لهم 
وبدأ من هناك يمارس دور الاسد
وقد تبعه الكثير من الحيوانات مفتونين بزئيره الذي لا يتوقف
ولكن هذا التيس تمادى كثيرا
فقد ظن نفسه اسدا بالفعل بسبب جلده الجديد
فقام بافتعال المؤامرات والتهجم على الآخرين من هذه الزريبة التى احتضنته
حتى انه تهجم على حيوانات وديعة في هذه الزريبة
واضرها كثيرا
فمل منه اصحاب الزريبة وطردوه
ولكنه استمر في تمثيل دور الاسد
واراد ان يتطاول على اسود حقيقية خارج هذه الزريبة
بعد ان صدق نفسه بانه اسد حقيقي ولا يريد العودة الى حياة التيوس
فاشتبك معهم لكنهم لقنوه درسا واثخنوه بالجراح
ففكر في العودة الى الزريبة التى آوته اول مرة
ولكن اصحابها كانوا قد أخذوا درسا من هذا التيس وتقلب مزاجه ونكرانه للجميل
كما انه تسبب في مرة من المرات باغلاق هذه الزريبة وقطع الماء عنها بسبب تبمبعه المستمر
على الآخرين
فلم يكن لديهم استعداد لقبوله مرة اخرى معهم في الزريبة
وتحمل مشاكله وخبثه ونفاقة
خاصة وان حيوانات هذه الزريبة
اتفقوا على عدم قبوله بينهم مرة ثانية
وللعلم فان الكثير منهم لم يكن يعرف انه تيس
وكانوا يظنون انه اسد حقيقي
هذا الاسد المزيف الجريح
اراد ان يقول لكل الغابة بانه قادر على الرجوع اسدا قويا وواثقا من نفسه
بعد شهور من الاختباء والخوف من الاسود الذين داسوا على رأسه في المرة الاولى
اطل برأسه مرة ثانية 
وقرر انشاء زريبة خاصة به
يعربد فيها كيفما يريد دون حسيب ولا رقيب
ويزأر منها كيفما يريد
ويرمي منها الاخرين بما يريد
وفعلا افتتح زريبته الجديدة 
ولكن 
يا للاسف
كان هناك اسود ينتظرون الفرصة 
لضرب هذا التيس
والسبب بسيط
لانهم لا يقبلون ان ينضم الى فصيلتهم تيس مصن
وبعد ان سألوا وتطقسوا عن هذا الاسد المجهول
كانت المفاجأة انهم اكتشفوا بأن هذا الاسد هو في الحقيقة تيس وليس أسدا
وما لم يكن يتوقعه التيس هو ان صاحب المحل الذي اشترى منه جلد الاسد
قد وشى به واخبر الاسود الذين كانوا يراقبونه عن كثب بسر الجلد الذي اشتراه !!
وقد حصل الاسود من صاحب المحل على وثائق بيعه الجلد
وعلى عنوانه الاصلي وعلى الكثير والكثير عن هذا التيس التعيس ...
وفي ليلة ظلماء وبينما هذا الاسد التيس سعيدا بزريبته الجديدة التى اتخذها مقرا لعربدته في الغابة
وعرفت عنه الكثير من الغابات وصارت له شهرة كبيرة
وكانوا يعتقدون انه اسد حقيقي
قام الاسود بتوجيه الضربة القاضية له
فقد قاموا بكشف حقيقة هذا الاسد في كل الغابات
وبرهنوا بالدليل على انه ليس أسدا حقيقا وان على جميع الحيوانات ان لا تخاف منه ولا تهابه
ونشروا صور وثائق بيعه جلد الاسد
وانه ليس سوى تيس اشترى جلد أسد عراقي ميت ولبسه
وكانت هذه هي الضربة القاضية للتيس 
فلقد عاش الدور وكان يؤمل ان يجني من ثمار جلد الاسد الكثير والكثير ومن زريبته الجديدة الكثير والكثير ايضا
ولكن الاسود الجبارة عرته وكشفته وانهارت زريبته واقفلها بسرعة خوفا من الفضحية والانتقام وهرب واختبأ في مغارة
ومن مغارته قام بمراسلة عدد من حكماء الغابة ليساعدوه ويحموه
فلقد صارت فضيحته بجلاجل 
والكثير من الحيوانات تريد القصاص منه
لما الحقه بها من اضرار عندما كان لابسا جلد الاسد
ولكن الحكماء قالوا له نصحناك سابقا بان تمشي على الارض بالهون
ولكنك رفضت الاستماع لنصائحنا 
وفضلت تقمص دور الاسد الى النهاية 
فكانت النتيجة هي ان الاسود الحقيقية ملت من وجودك بينها بعد ان جلبت لها العار
بما تقوم به من اعمال طائشة وحقيرة لا يقوم بها الاسود
فقرروا ان يعيدوك على عالم التيوس
وهكذا رجع الاسد المزيف الى تيس رغما عنه
وقبل بان يعيش بقية حياته تيسا لا حول له ولا قوة
وبسبب الحالة الصعبة التى عاشها هذا التيس بعد الضربة
فقد كبرت قرونه وخرجت من فروة الرأس التى وضعها على رأسه الاصلي
وهذه صورة التيس الجريح وقد نبتت قرونه
ولم يعد يستطيع ان يداريها او يزيلها 
فناموس الكون لا بد وان يعيد الحيوان الى طبيعته مهما تنكر
وهكذا انتهت قصة الأسد بوقرون 

ليست هناك تعليقات: