كان ما كان في قديم الزمان رجل يسعى كل صباح باحثا عن عمل يعيش منه لكنه لايجده. وفي يوم من الايام سأل نفسه: الى متى ابقى على هذه الحال؟ وقرر ان يهجر مدينته ويذهب الى مدينة اخرى كي يجرب حظه فيها عسى ان يحصل على عمل يعيش منه. اعد طعام المسير ووضع قربة الماء على كتفه وسار في طريقه وهو يمشي صادفه رجل، هذا الرجل سأل صاحبنا عن اسمه ووجهته، اجابه: بأن اسمه (ابو نية) ووجهته البحث عن عمل يعيش منه في بلدة اخرى، فما كان من هذا الرجل الا ان قال له بأنه ايضا يبحث عن عمل، وطلب مرافقته قائلا له: ان كنت انت (ابو نية) فأنا(ابو نيتين). سارا معا في الطريق، واثناء المسير قال(ابو نية) لصاحبه: لنتفق اذا جعنا نأكل من طعامك ونشرب من مائك، وعندما ننتهي نرجع الى طعامي ومائي. قال(ابو نية)ماشي كلامك نحن الان اخوان وطعامي طعامك.
واخذا يمشيان الى ان تعبا وجلسا ليستريحا. اخرج(ابو نية) طعامه وشرابه واكل الاثنان. وبقيا على هذه الحال الى ان نفد طعام(ابو نية)، وهما يسيران في طريق البحث عن العمل. جاع(ابو نية) وحسب الاتفاق طلب من رفيقه طعاما وماء ولكن(ابو نيتين) رفض اعطاءه ما طلب الابشرط، هذا الشرط هو ان يفقأ احدى عيني صاحبه(ابو نية).
ظل(ابو نية) في حيرة من امر صاحبه هذا ومن شرطه العجيب لكنه ازاء عقارب الجوع وفعلها في معدته وافق على شرط(ابو نيتين). ففقأ(ابو نيتين) احدى عيني صاحبه واعطاه قليلا من الطعام.
اكل صاحبنا الطعام واحتاج الى الماء الذي طلبه من صاحبه(ابو نيتين) لكن هذا رفض اعطاءه الماء الا مقابل فقء عينه الاخرى، وازاء عطشه وافق (ابو نية) على شرط(ابو نيتين) الثاني فقأ(ابو نيتين)عين صاحبه الثانية، واعطاه قليلا من الماءوتركه وغادر المكان مواصلا رحلته، وصاحبه يعاني من الآلام المبرحة.
صاحبنا(ابو نية) لم يستطع مواصلة السير لكنه وصل قرب شجرة جلس تحتها ليستريح. وفي هذه الاثناء سمع صوت سبع وذئب يتحدثان معا. قال الذئب:الله،ما اعظم هذه الشجرة. اجابه السبع: وما وجه العظمة فيها؟ قال الذئب: كم اعمى فتحت عينيه، وكم اخرس نطق وكم مريض شفي، كل ورقة من اوراقها تشفي مرضا.
رد عليه السبع: اذا انت عرفت سر اوراق هذه الشجرة، فانا اخبرك بسر لايعرفه احد غيري. هذه الشجرة مدفون تحتها كنز من الذهب لايعرف احد عنه شيئا. سمع(ابونية) كلامهما وما ان غادرا حتى قام الى الشجرة واخذ ورقة من اوراقها ووضعها على احدى عينيه فشفيت في الحال، وفتحت ثم فعل بالعين الاخرى ما فعله بالاولى وشفيت هي الاخرى.
فرح فرحا عظيما واخذ مجموعة من اوراق هذه الشجرة، وضعها في جيبه وواصل مسيرته الى ان وصل الى مدينة دخلها فوجد الناس مجتمعين امام باب بيت الملك وهم في حالة هرج ومرج. سألهم عن سبب اجتماعهم، فاجابوه: بأن بنت السلطان اصيبت بالخرس واي شخص يخلصها من هذه العلة تصبح زوجا له . واذا لم يستطع شفاءها تضرب عنقه .
قال: انا استطيع ان اكلمها، لكن الناس حثوه على ان لايورط نفسه مع ابنة السلطان، حيث ان الكثيرين قتلوا بسبب عدم قدرتهم على شفائها.
دخل(ابو نية) على بنت السلطان واخرج ورقة من اوراق الشجرة العظيمة العجيبة وضعها على فم بنت السلطان فتكلمت في الحال. فرح الجميع وامر السلطان بزواجها منه، لكن(ابو نية) طلب تأجيل الزواج لفترة من الزمن. اخذ(ابو نية) مجموعة من الرجال وذهب الى الشجرة حفر تحتها واخرج كنز الذهب ورجع الى مدينة السلطان وبنى له قصرا فخما اجمل من قصر السلطان وتزوج فيه بنت السلطان. واخذ يساعد المحتاجين والفقراء واحبه الناس جميعا، وعينه السلطان مسؤولا عن بيت المال فوافق على ذلك.
مرت الايام، توفى السلطان وقام(ابونية) مقامه، وفي يوم من الايام جاء(ابونيتين)الى المدينة، بعد ان سمع بكرم سلطانها ومساعدته للفقراء والمحتاجين. عرفه السلطان وسأله عن حاله فأجابه: بأنه لم يستفد من رحلته ولم يحصل على عمل. غفر (ابو نية) لصاحبه كل مافعله به، وعينه في قصره بعد ان بين للناس بأنه اخوه. لم يستفد(ابو نيتين) من هذه الفرصة، واكلت قلبه الغيرة والحسد، واخذ ينافق على صاحبه السلطان مدعيا ان السلطان سارق، سرق بيت المال وعمل قصرا له وصرف الباقي على الفقراء بحجة انه يصرف من ماله الخاص لكن الناس لم يصدقوه، وهم يعرفون السلطان قبل ان يصبح مسؤولا عن بيت المال.
وفي يوم من الايام جمع (ابو نية) الناس في قصره بحضور(ابو نيتين) وسرد عليهم القصة من البداية وعمله القبيح معه وحكى لهم قصة الكنز وافعال (ابو نيتين) ضده.
احتج اهل المدينة على (ابونيتين) وطالبوا باعدامه كي يتخلصوا من شره وحسده، لكن السلطان لم يوافق على طلبهم قائلا: بأنه يعطيه فرصة اخرى واخيرة وطلب منه ان يذهب الى الشجرة العظيمة ويجرب حظه عندها. ذهب(ابونيتين) الى الشجرة وجلس تحتها في هذه الاثناء جاء الذئب والسبع واخذا يتحدثان. قال الذئب الى السبع: هذه الشجرة لها مميزات كثيرة، قال السبع: انا اعرف عنها اشياء كثيرة مفيدة. لكن السبع والذئب قالا معا: لنفتش حول هذه الشجرة. احتمال ان نجد تحتها احداً يسمع حديثنا ويكشف السر. سارا معا حول الشجرة، فشاهدا(ابو نيتين) مختفيا تحتها، هجما عليه واكلاه، وبذلك تخلص (ابو نية) والناس من شره وحسده وعاش السلطان ورعيته عيشة سعيدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق