الثلاثاء، 24 أبريل 2012

سبحان مغير الاحوال

روي أن رجلا من قبيلة عبس 
كان مشوه الوجه مكفوف البصر رث الثياب 
وفي يوم من الأيام جاء الى دار الخلافة 
فرآه رجل هناك كان يعرف قصته
فلما دخل من الباب قام اليه وأخذ بيده 
وأجلسه في مجلس قريبا من الخليفة 
فتعجب الخليفة عبد الملك بن مروان من فعل ذلك الرجل
فأدرك الرجل ما في نفس الخليفة من سؤال
فقال : يا أمير المؤمنين ان لهذا الرجل العبسي قصة غريبة !! فاسمح له أن يحكي لك عن قصته ؟ 
وكان الخليفة عبد الملك بن مروان ولوعا بعيون الأخبار 
شغوفا بالحكايا
فسأل الرجل عن حاله وقال : ما قصتك أيها العبسي ؟ 
فقال الرجل : يا أمير المؤمنين 
كنت من أغنى أهل المدينة 
وكنت من أكثرهم مالا 00 ومن أعزهم عيالا 00 
وأنعمهم بالا 00وكنت ذا حسب ونسب 00
فخرجت يوما بمالي وأهلي لأضرب في أرض الله تعالى
بقصد التجارة والربح رغبة بالثراء 00 
وطمعا في السعة 00
فبينما أنا أغذ السير في طريقي الى الشام 
اذ أدركني الليل 00 
فآويت الى واد بين جبلين لأبيت فيه مع أهلي وأولادي
فبينما نحن نائمون00 اذ هبط علينا سيل شديد من أعلى الجبل
فلم أستيقظ من نومي إلا وقد غرق أهلي وأولادي 
وجرف السيل الهائل مالي 00 
ولم يبق من أولادي إلا اصغرهم وعمره سنوات 00
ولم يبق من بعيري سوى بعير واحد 
فقمت من فوري كالمجنون وحملت الطفل على كتفي
ورحت الى البعير لأنظر شأنه 00
فلما رآني قريبا منه ولى مدبرا
وضعت الطفل عن كتفي على ربوة قريبة 
وعدوت خلف البعير لأرده 
فركضني برجله في وجهي فهشم أنفي وكسر أسناني 
فقمت خلفه مرة أخرى فاذ به يرفسني في وجهي ويفقأ عيوني 
فلم أستطع أن أواصل العدو خلفه 00
عدت حزينا أتلمس طفلي الصغير حيث وضعته
فلما دنوت منه وا به يصرخ ويصيح 
وسمعت صوته يختنق في حلق ذئب 
واذ به لقمة سائغة بفم ذئب جائع
ولم أدركه حتى أكله الذئب 
ففي ليلة واحدة يا أمير المؤمنين 
فقدت أهلي وسبعا من أولادي وبعيري ومالي
وأمسيت من أعز الناس وأغناهم 
وأصبحت وأنا من أذلهم وأفقرهم وأضعفهم 
فسبحان مغير الأحوال ومقلبها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق