كان يا ما كان في قديم الزمان كان هناك ملك وله ثلاثة أولاد، وكان في قصره حديقة، وفيها شجرة تفاح كبيرة تحمل في كل عام أربع تفاحات كبيرة وجميلة ونادرة، وكانت هذه التفاحات غالية على الملك يرعاها ويحرسها ويعتني بها كثيراً طوال العام.
في أحد الأيام فقد إحدى التفاحات الثلاث فحزن عليها، ولم يعرف من الذي قطفها، فطلب من أولاده أن يعرفوا من الذي سرق التفاحة وإلا سيقطع رأسهم، فجلس الولد الكبير للحراسة لكنه بعد منتصف الليل نام، فجاء اللص وسرق تفاحة، وفي الليلة الثانية جلس الثاني للحراسة، ولكنه نام أيضاً بعد منتصف الليل وسرقت التفاحة الثالثة، فغضب الملك كثيراً وأمر ابنه الصغير علاء الدين أن يكتشف الحرامي، وإلا سيقطع رؤوسهم جميعاً.
تلك الليلة جلس علاء الدين للحراسة منتبهاً ومفتح العينين، وعند منتصف الليل وجد نفسه أنه سينام، فجاء بكيس من الجلد وملأه بالماء، وعلّقه على الشجرة فوق وجهه، وصار ينقط عليه كل دقيقة نقطة ماء، فبقي مستيقظاً وسيفه في حضنه، وبعد ساعة من الزمن رأى يداً تمتد نحو التفاحة، فهبّ مسرعاً وضربها بالسيف فقطع اليد، وهرب الحرامي فلحق آثار الدماء حتى وجدها تنتهي عند البئر، فجلس على فتحة البئر ينتظر حتى الصباح .
جاء الملك وأولاده في الصباح لتفقد التفاحة وعلاء الدين، فشاهدوا آثار الدماء فعرفوا أن علاء وجد الحرامي ولحق به، فطلب الملك من أولاده أن يتبعوا آثار الدماء، ففعلوا حتى وصلوا البئر، فشاهدوا علاء الدين جالساً هناك، فقص عليهم ما حدث معه فأتوا بحبل، وأدلوا الأخ الأكبر في البئر لكنه بدأ بالصراخ فسحبوه، فنزل الأوسط وأيضاً صرخ عليهم فسحبوه، فقال علاء: أنزلوني وإن سمعتم صراخي لا ترفعوني، فأنزلوه حتى وصل إلى قاع البئر، وكان الجو معتماً لا يرى فيه بصيص نور فخاف في البداية لكنه تشجع، وسار قليلاً يفتش في القاع فوجد طاقة يدخل منها الهواء البارد، فدخل فيها فوجد نفسه في برية واسعة، ورأى آثار الدماء فتتبعها فصادف في طريقه عنزتين تقتتلان، ففضّ بينهما وصالحهما، فشكرتاه وأعطيتاه قطعة من وبرهما، وقالتا له: إذا احتجت لأمر ما أحرقهما فنحضر إليك حالاً .
وسار في طريقه فصادف شجرة كبيرة، وعليها أفعى تسطو على عش صقر وتريد التهام فراخه، فضربها بالسيف فقطع رأسها فشكره الصقر، وأعطاه إحدى ريشه وطلب منه أن يحرقها إذا احتاج إليه. وتابع طريقه فأوصلته الدماء إلى قصر كبير فدخله، فوجد فيه ثلاث فتيات جميلات مثل الأقمار، فسلّم عليهن وسألهن عن حالهن. فقالوا له: إن العفريت خطفهم وسجنهم في القصر، وهو الذي سرق التفاحات، وقد جاء اليوم ويده مقطوعة والدماء تنزف منه، وهو نائم الآن وما عليك سوى أن تدخل وتضربه، وتقطع رأسه بضربة واحدة فقط فيموت في الحال.
دخل علاء الدين وقطع رأسه وأراح الناس من شره، وأحرق قطعة الوبر فحضرت العنزات في الحال، فركب عليهما مع الفتيات وحمل من القصر ما غلا ثمنه وخفّ حمله، وأوصلتاه إلى قاع البئر وتركتاه، فحرق الريشة فحضر الصقر وتعلّق به الواحد تلو الآخر، حتى أخرجهما ووضعهما عند فتحة البئر. فرح أخوته بعودته بالسلامة وعادوا جميعاً إلى القصر غانمين، ففرح الملك واحتفل بعودتهم سالمين غانمين، وزوج أولاده من الفتيات وعاشوا باللذة والنعيم وطيب الله عيش السامعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق