الاثنين، 26 نوفمبر 2012



ذهب رجل إلى قرية من القرى التركية النائية , وعندما وصل إلى القرية , استقل سيارة ليتنزه , وبينما هو في نزهته لفت نظره بيتاً جميلاً من طابق واحد وقد تجمهر حوله عدد كبير من رجال ونساء وأطفال القرية ..

فقال للسائق بيت من هذا ؟..

فوجد السائق يتذمر ويقول : بيت الزفت السافل ربنا ياخده !!
أنه الرجل الذي أرسلته الحكومة ليرعى شئون القرية ..
فقال الرجل : وما أسمه ؟..
فقال السائق : ليذهب إلى الجحيم هو وأسمه .. إننا ننعته بالرجل السافل الحقير .. سافل بمعنى الكلمة .
وأندهش الرجل , فهو يعلم أن السائق رجل طيب وعلى خلق فكيف ينعت الرجل هكذا بأبشع الصفات !.

وفي مساء نفس اليوم , جلس الرجل في المقهى الرئيسي للقرية وتحدث مع صاحب المقهى قائلاً : ما رأيك في الرجل الموظف الذي يرعى شئون قريتكم ؟..
فبصق صاحب المقهى وقال : سافل حقير ..
قال الرجل بفضول : لماذا ؟..
قال له : أرجوك , لا تفتح سيرة هذا الرجل أنه حقير حقير حقير , لا تعكر مزاجي في هذه الأمسية بهذا السافل .

وظل الرجل يسأل كل من قابله من أهل القرية نفس السؤال , ولا يتلقى سوى نفس الإجابة ( الحقير المنحط أسفل السافلين ) ..
عندها قرر الرجل زيارة هذا الموظف في بيته ليرى عن قرب ماذا يفعل لأهل القرية حتى وصفوه بكل هذه الأوصاف .
ودخل إلى بيته رغم تحذير السائق , فوجد الرجل واقفاً وأمامه فلاح يسيل الدم من قدميه الحافيتين والرجل يضمد له جروحه ويعالجه ويمسح الجروح بالقطن وبجواره ممرضته والتي كانت تعمل بكل همة مع الرجل لتطبيب ذلك الفلاح .
إندهش الرجل وسأله : أنت طبيب ؟ فقال له لا .
ثم دخلت بعد الفلاح فلاحة شابة تحمل طفلاً أعطته إياه , فخلع الرجل ملابس الطفل وصرخ في أمه : كيف تتركي طفلك هكذا , لقد تعفن المسكين .
ثم بدأ بغسل الطفل ولم يأنف بالرغم من رائحته الكريهة وأخذ يرش عليه بعض البودرة بحنان دافق وهو يدلل الطفل .
ثم جاء بعد ذلك أحد الفلاحين يستشيره في أمر متعلق بزراعة أرضه , فقدم له شرحاً وافياً لأفضل الطرق الزراعية التي تناسب أرض ذلك الفلاح ..
ثم إنفرد بأحد الفلاحين , ودس في يده نقوداً وكان الفلاح يبكي وحينما حاول أن يقبل يده صرفه بسرعه وقال : المسألة ليست في العلاج فقط , الطعام الجيد مهم جداً .

بعد ذلك جلست مع هذا الرجل وأحضرت ممرضته – والتي هي زوجته – الشاي وجلسنا نتحدث فلم أجد شخصاً أرق أو أكثر منه ثقافةً ومودةً وحناناً .
وعاد الرجل ليركب سيارته وقال للسائق : لقد قلت لي أن هذا الرجل سافلً .. ولكنني قابلته هو وزوجته ووجدتهما ملاكين حقيقيين , فما السيئ فيهما ؟!
قال السائق : آه لو تعرف أي نوع من السفلة هما ؟!
قال الرجل في غيظ : لماذا ؟!
قال السائق : قلت لك سافل يعني سافل وأغلق هذا الموضوع من فضلك .
هنا جن جنون الرجل وذهب إلى محامي القرية وأكبر مثقفيها , وسأله : هل ذلك الموظف المسؤول عن القرية يسرق ؟!
فأجابه المحامي : لايمكن , أنه هو وزوجته من أغنى العائلات .. وهل في هذه القرية ما يسرق ؟!
فسأل الرجل : هل تعطلت الهواتف في القرية بسببه ؟!
فقال المحامي : كانت الهواتف كلها معطلة , ومنذ أن جاء هذا الحقير تم إصلاحها واشتغلت كلها ..
فاستشاط الرجل في غيظ وقال للمحامي : طالما أن أهل القرية يكرهونه ويرونه سافلاً هكذا لماذا لا يشكونه للمسؤولين ؟!
فأخرج المحامي دوسيها ممتلأً وقال : تفضل .. أنظر .. آلاف الشكاوى أُرسلت فيه ولكن لم يتم نقله وسيظل هذا السافل كاتماً على أنفاسنا .
قرر الرجل أن يترك القرية بعد أن كاد عقله يختل ولم يعد يفهم شيئاً ، وعند الرحيل , كان المحامي في وداعه عند المحطة .
وهنا قال المحامي بعد أن وثق بالرجل وتأكد من رحيله : هناك شيئاً أود أن أخبرك به قبل رحيلك .. لقد أدركت أنا وأهل القرية جميعاً من خلال تجاربنا مع الحكومة ..
إنهم عندما يرسلون إلينا موظفاً عمومياً جيداً ونرتاح إليه ويرتاح إلينا تبادر الدولة فوراً بترحيله من قريتنا بالرغم من تمسكنا به ..
وأنه كلما كثرت شكاوى أهل القرية وكراهيتهم لموظف عمومي كلما احتفظ المسؤولون به ..
ولذا فنحن جميعاً قد إتفقنا على أن نسب هذا الموظف وننعته بأبشع الصفات حتى يظل معنا لأطول فترة ممكنه , ولذا فنحن نعلن رفضنا له ولسفالته , ونرسل عرائض وشكاوى ليبعدوه عن القرية ..
وبهذا الشكل تمكنا من إبقائه عندنا أربعة أعوام ..
آه لو تمكنا من أن نوفق في إبقائه أربعة أعوام أخرى , ستصبح قريتنا جنة .
إنتهت القصة , والسؤال الذي يطرح نفسه “هل عشت هذه القصة من قبل ؟!

:: هذه القصة للكاتب التركي الساخر “عزيز نسين 

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

الحــمار الهارب الى الصحراء




الحــمار الهارب الى الصحراء
يقال ان فلاحا كان عنده حمار وهو لا يكاد يريح هذا الحمار .كما انه لا يعطيه كفايته من العلف فضعف الحمار وهزل وضاق با لحياة التي هو فيها وفضل الموت عليها
 فخرج الى الصحراء هاربا وهو يعلم ما يتهدد حياته في الصحراء من اخطار 

وعندما ابتعد عن البلده قليلا وجد جملا يرعى فسلم عليه فرد الجمل التحيه با حسن منها ثم سال الجمل الحمار عن اسباب مجيئه الى ذالك المكان فاخبره انه هارب من الوضع الذي كان فيه لان صاحبه يستغله ابشع استغلال في العمل ويرهقه ويجيعه لذلك فقد صمم على الهرب حتى ولو كانت نتيجته الموت السريع فهو ارحم من الموت البطيى الذي ينتهي به اليه واقعه 

ورحب الجمل بهذا العزم وقال انا هارب مثلك ولكن حالتي ليست مشل حالتك والمهم اننا نريد ان نهرب الى مكان قصي و مزو فلا يجدنا فيه احد فاستحسن الحمار الفكره ولكنه قال اني لا ستطيع المشي لمسافات بعيده نتيجة للضعف والهزال الذي اعانيه 

فقال الجمل ان لدي حلا لهذه المشكله وهو ان احملك على ظهري ففرح الحمار ووافق على الرحيل حالا ولكن الجمل قال للحمار اننا سوف نكون بين اعداء كثيرين ولذلك فاني اشترط عليك قبل الرحيل ان لا تنهق وان لاتحدث صوتا يدل علينا فتعهد الحمار بما طلبه الجمل 

وركب الحمار على ظهر الجمل وسارا وبينما كانا سا ئرين جعل الحمار يفكر في صديقه الجمل ويتعجب من خلقته وطول رقبته ولفت نظره شيء واحد هو قصر ادني الجمل فقال بينه وبين نفسه(ياوي جمل لولا قصر اذنيه) فسمع الجمل هذا التعليق المض والنقد الجارح فلم بقل شيئا بل كتمها في نفسه وتركها وترك الرد عليها الى الوقت المناسب 

ووصل الجمل والحمار الى روضه غناء فيها من جميع انواع الاعشاب وحطا رحالهما فيها وشبع الحمار وسمن واحس بالصحه والعافيه والنشاط وصار يتجول في تلك الروضه ويركض بين اطرفها وارد ان ينهق ولكنه تذكر العهد الذي عاهد عليه الجمل وهو ان لا ينهق وكظم الحمار النهيق 

ولكنه اخيرا ضاق بالصمت فذهب الى الجمل يستاذنه في النهيق فنهاه الجمل وقال ان صوتك قد يدل الاعداء علينا ويجلب لنا شرا مستطير فسكت الحمار لفتره من الزمن ثم عاد الى الجمل يستاذنه في النهيق فاعاد عليه الكره في ان لا ينهق وصبر الحمار فتره من الزمن ولكنه اخيرا ضاق ذرعا بهذا الصمت المطبق وعاد الى الجمل قائلا لم يبق لديه صبر عن النهيق وانه سوف ينهق سواء رضي الجمل او لم يرض فقال له الجمل انت وشانك 

وذهب الحمار يعدو وصعد في قمة تل في طرف من اطراف الروضة ونهق نهقه طويلة منكره جمع فيهاكلما خزنه في الماضي من شهوة النهيق 

وسمعه ذئب كان يختبىء في احدى الشعاب وجاء يعدو سريعا الى جهة الصوت ولما قرب من الروضة راى الحمار ورآه الحمار فجاء الذئب بعدو الى الحمار وصار الحمار يهدو من شدة الخوف الى جهة الذئب فلما التقيا ضرب الذئب بطن الحمار بيده فانتثرت الحــمار الهارب الى الصحراء امعاؤه وتمدد على الارض يعاني من سكرات الموت 

وراى الجمل هذا المنظر البشع وجاء الى الحمار حتى وقف على ارسه ونظر اليه وقال له بصوت الخبير المجرب الذي نصح فلم يقبل نصحه والذي انتقد واهين فصبر على النقد والاهانه 
قال الجمل((خذ يابا زمير من طول اذانك)) 
وهذه الجمله رد على الحمار