الاثنين، 30 أبريل 2012

كن حرا فالحرية نشيد الحياة


الزمن المر
عاش أسد في غابة يصول ويجول ، ويحكم ويرسم ، كما يحلو له ،دون حسيب أو رقيب ، وقد صفا له الزمان فكان في رغد من العيش ، ويزهو ويشمخ .
شرد في تفكيره وسرح في خياله فقال: لقد عشت دهرا في هذه الغابة ولا أعلم شيئا عن العالم حولي ! فلماذا هذا الجمود؟ سأخرج من غابتي فأرى الدنيا الواسعة بما فيها من مخلوقات، وجبال وأوديه وتلال ووهاد  و..
خرج من الغابة وحيدا فريدا حيث قادته المقادير إلى البرية فرأى العجائب ، ولكنه تعب وعطش وقرصه الحر، ذهب يستظل تحت شجرة وارفة الظلال، وجد عندها ثعلبا، استقبله هاشا باشاً مرحّباً مغدقاً عليه من كرم الضيافة الشيء الكثير ! ثم أخذ يحدثه بالقصص والروايات والنوادر والطرائف حتى اطمأنّ الأسد، ووثق به، والثعلب ينوي الإيقاع بالأسد فهذه المنطقة في عرفة ملك له.
قال الثعلب: أيها الملك نحن في هذه البرية الواسعة لا أنيس ولا ونيس، تعال نلعب بهذا الحبل، تربطني وأربطك وأشد وتشد وتنط وأنط ..
قال الأسد: نعمّ الرأي ! ماذا تريد بالضبط ؟
قال الثعلب: اربطني إلى جذع هذه الشجرة لأرى كيف تربط الملوك. 
أخذ الأسد يربط الثعلب، والثعلب يتظاهر بعدم الاكتراث رغم ما يشعر به من ألم ثمّ حل الرباط.
قال الأسد: دورك الآن أرني كيف تربط !
أخذ الثعلب الحبل، وبدأ يوثق الأسد إلى جذع الشجرة ، ويشد ويعقد حتى لم يُبق موضعا منه إلا وأوثقه ثم تركه على هذه الحالة ليلاقي مصيره المحتوم .
انتظر الأسد طويلاً مزمجرا غاضبا يحاول التخلص دون جدوى . احتار ماذا يفعل . فجأة ظهرت فأره صغيرة، نظرت إلى الأسد فرأته حزينا كئيبا مهموماً بحاله يرثى لها .
قالت له: هل تريد العون أيها الملك ؟
قال: وماذا عساك أن تفعلي أيتها الصغيرة ؟
قالت: أستطيع أن أمنحك الحرية إن أردت .
قال: أوتستطيعين ذلك يا صغيرتي ؟
قالت: إذا طلبت ؟
قال: أريد راجيا .
أخذت الفأرة تقرض الحبل حتى فك الأسد ، وتحرر من قيوده. شكر الفأرة على صنيعها وقال في نفسه: لعن الله هذا المكان وهذا الزمان الذي صار فيه الثعلب يربط والفأرة تفك .
ليس لي عيش في هذه الأرض ! ورجع إلى غابته وقد تلقن درساً لن ينساه طوال حياته .



ليست هناك تعليقات: